العمل سويا على إحلال السلام وتعزيز التنمية في الشرق الأوسط

 2021-08-19 10:01

العمل سويا على إحلال السلام وتعزيز التنمية في الشرق الأوسط

الكلمة الرئيسية التي ألقاها تشاي جيون مبعوث الحكومة الصينية الخاص للشرق الأوسط في الدورة الثانية لمنتدى التعاون بين الصين والشرق الأوسط

(يوم 17 أغسطس عام 2021)

  الضيوف الكرام، والأصدقاء:

  تحية للجميع! يسعدني جدا أن أجتمع مع الأصدقاء القدماء والجدد لحضور الدورة الثانية لمنتدى التعاون بين الصين والشرق الأوسط، لتقاسم الخبرات والبحث في سبل التعاون تحت عنوان "تعميق الصداقة والتنمية المبتكرة". يطيب لي أن أتقدم بالتهاني الحارة لانعقاد المنتدى وأشكر بشكل خالص الجهات المضيفة وهي الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية وجامعة الشارقة بالإمارات العربية المتحدة ومركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية بالمملكة العربية السعودية على دعوتها الكريمة والترتيبات الدقيقة التي قامت بها.

  في الوقت الراهن، نجد أنفسنا في وجه التغيرات الكبيرة التي لم يشهدها العالم منذ مائة سنة، وتفشي الجائحة التي تحدث بمعدل مرة كل مائة سنة، وتشدد التباين في أحوال الانتعاش الاقتصادي العالمي، وتتصاعد عقلية الحرب الباردة وسياسة التكتلات، والصراع الحاد بين التعددية والأحادية، الأمر الذي يجعلنا نقف عند مفترق الطريق مرة أخرى. في الوقت نفسه، لم يتغير تيار العصر المتمثل في السلام والتنمية والتعاون والكسب المشترك، ولم يتغير قانون التنمية عن حتمية تقدم العولمة الاقتصادية مع التعرُّجات، ولم يتغير الزخم الأساسي للتصاعد الجماعي للدول النامية الغفيرة. في ظل التغيرات الكبيرة والسريعة للأوضاع الدولية، يعيش الشرق الأوسط وضعا غير مطمئنينا حيث أن الجائحة لا تزال تتفشى وتشهد بعض القضايا الساخنة تصعيدا من جديد، وتعاني المنطقة من عجز كبير للسلام والأمن والتنمية. ظلت الصين باعتبارها العضو الدائم في مجلس الأمن الدولي ودولة مسؤولة، تهتم بدول الشرق الأوسط وشعوبها، وتقوم بضخ طاقات إيجابية باستمرار لإحلال السلام والأمن والأمان في المنطقة.

  - تساهم الصين بحكمتها لإيجاد سبل تحقيق الأمن والأمان الدائمين. زار مستشار الدولة وزير الخارجية الصيني وانغ يي 9 دول في الشرق الأوسط في الجولتين للمنطقة في غضون أربع أشهر هذا العام، حيث طرح نيابة عن الجانب الصيني مبادرات ودعوات مثل المبادرة ذات النقاط الخمس بشأن تعزيز الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط والرؤية الصينية ذات النقاط الأربع لحل المسألة السورية والأفكار ذات النقاط الثلاث لتنفيذ "حل الدولتين"، كان محورها هو دعوة دول المنطقة إلى التخلص من التشويشات الخارجية وتعزيز الوحدة لتقوية نفسها عبر التضامن، واستكشاف الطرق التنموية التي تتفق مع ظروفها الواقعية، وإنشاء هيكل أمني يراعي الهموم المشروعة لكافة الأطراف. ولاقت المبادرات والدعوات تقديرا إيجابيا واستجابة واسعة من دول المنطقة اذ أنها تركز على جذور الاضطراب الطويل الأمد في الشرق الأوسط وتوفر سبلا قابلة التنفيذ لحل القضايا الساخنة.

  - تتحمل الصين بمسؤولية مطلوبة للدفاع عن الإنصاف والعدالة. إن القضية الفلسطينية لبّ قضايا الشرق الأوسط. يمثل كل تصعيد للأوضاع الفلسطينية الإسرائيلية تحذيرا لغياب الإنصاف والعدالة الدولية واختبارا على ضمير البشرية. عندما اندلع في شهر مايو الماضي صراع بين فلسطين وإسرائيل التي كانت أشد من نوعه منذ سنوات، عملت الصين بصفتها الرئيس الدوري لمجلس الأمن الدولي على دفع المجلس للنظر في القضية الفلسطينية لخمس مرات حتى إصدار بيان صحفي رئاسي، مما يشكل زخما قويا للدفاع عن الحق ورفض سياسة القوة. وانطلاقا من الاهتمام البالغ للوضع الإنساني في فلسطين، لقد قدم الجانب الصيني دفعات من المساعدات النقدية العاجلة والمستلزمات الوقائية واللقاحات إلى الشعب الفلسطيني، وسيتبرع قريبا مليون جرعة من اللقاحات إلى الجانب الفلسطيني وتقديم 500 ألف جرعة من اللقاحات إلى الشعب الفلسطيني في قطاع غزة عن طريق مصنع تعبئة اللقاح الذي تم إنشاءه بالتعاون الصيني المصري.

  - تساهم الصين بجهود الوساطة لتسوية النزاعات. كلما ازدادت التناقضات في الشرق الأوسط، تشتد الحاجة لوضع القواعد والضوابط للتحكم على الخلافات. كلما زادت العقد عمقا، تزداد الحاجة إلى التواصل والحوار لمنع سوء التقدير. تدعو الصين إلى إنشاء منصة الحوار المتعددة الأطراف في منطقة الخليج بمقدمة الحفاظ على الاتفاق الشامل لملف إيران النووي، وبهدف تسوية الخلافات عبر الحوار والتشاور وبناء الأمن الجماعي في الخليج تدريجيا. أقامت الصين أخيرا بنجاح ندوة الشخصيات الفلسطينية والإسرائيلية المحبة للسلام مرة أخرى، ودفعت خلالها أصحاب الرؤية الثاقبة للجانبين للتوصل إلى التوافق المهم حول تنفيذ "حل الدولتين" عبر التفاعل والتواصل الصريح.

  الضيوف الكرام، والأصدقاء،

  على خلفية تفشي الجائحة والصعوبات المعيشية، تعمل الصين على التركيز على تسريع التنمية وتكريس روح الانفتاح، وتدعو إلى المنفعة المتبادلة والكسب المشترك، وتتعامل مع آثار عوامل غير المؤكدة بالاستقرار المتميز للتعاون بينها وبين ودول الشرق الأوسط، وتسعى إلى ترسيخ أسس التنمية والازدهار في المنطقة.

  - يشكل التعاون في مكافحة الجائحة نموذجا جديدا. على وجه الجائحة المفاجئة، تآزرت الصين وتضامنت مع دول الشرق الأوسط، وجسدت المشاعر الأخوية المتمثلة في تقاسم المصير المشترك بخطواتها الملموسة سواء كانت تبادلا للدعم والتشجيع والمستلزمات الوقائية والخبرات عبر الإنترنت أو إرسال فرق طبية بصورة عاجلة والتجربة السريرية للقاح والإنتاج المشترك لتعبئة اللقاح. تضع الصين احتياجات دول الشرق الأوسط في عين الاعتبار وقدمت أكثر من 176 مليون جرعة من اللقاح إلى دول المنطقة حتى الآن بشكل هبات أو تصدير، وأجرت الصين التعاون مع كل من الإمارات وتركيا ومصر في الإنتاج المشترك من خلال تعبئة اللقاح، الأمر الذي ساهم بقوة في المعارك ضد الجائحة في دول المنطقة.

  - إنجازات جديدة في العمل المشترك لبناء "الحزام والطريق". نعمل يدا بيد على بناء "الحزام والطريق" بجودة عالية، مع التركيز على المعايير العالية التنمية المستدامة وتقوية الحلقات الضعيفة وتحسين معيشة الشعب. في النصف الأول من العام الجاري، ازداد حجم التبادل التجاري بين الصين ودول الشرق الأوسط بنسبة 26% مقارنة مع ما كان عليه في العام الماضي، حيث حافظت الصين على مكانة أكبر شريك تجاري لدول المنطقة. وتحتل عدد من مشاريع التعاون بين الجانبين صدارة مجالها مثل أطول مبنى في القارة الإفريقية وأكبر محطة توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية الحرارية وأكثر محطة الطاقة التي تعمل بالفحم نظافة في الشرق الأوسط. ووفر مشروع منطقة الأعمال المركزية بالعاصمة الإدارية المصرية الجديدة 8000 فرصة عمل على الأقل للمحليين، وساهمت منطقة السويس للتعاون الاقتصادي والتجاري الصيني- المصري في توفير أكثر 40 ألف فرصة للعمل، مما عاد بالفوائد الحقيقية على السكان المحليين.

  - أحرز التعاون في الابتكار اختراقات جديدة. في مارس الماضي، أصدرت وزارة الخارجية الصينية والأمانة العامة لجامعة الدول العربية "مبادرة التعاون بين الصين وجامعة الدول العربية في مجال أمن البيانات"، التي تعد خطوة مهمة للجانبين الصيني والعربي في دفع الحوكمة الرقمية العالمية وصيانة أمن البيانات. تعمل الصين ودول الشرق الأوسط يدا بيد على مواجهة تغير المناخ والانتقال الطاقي، وإجراء التعاون في الطاقة الشمسية والطاقة النووية وغيرها من الطاقة النظيفة، ودفع التنوع في هيكل الطاقة، وتعزيز القدرة على حماية البيئة والحوكمة، بما يبني سويا "طريق الحرير الأخضر" في الشرق الأوسط.

  الضيوف الكرام، الأصدقاء الأعزاء،

  قامت الصين أخيرا بالاحتفال الكبير بالذكرى المئوية لتأسيس الحزب الشيوعي الصيني. وألقى الرئيس شي جينبينغ أمين عام الحزب في الحشد الاحتفالي خطابا مهما أكد فيه أن الحزب الشيوعي الصيني يهتم بمستقبل البشرية ومصيرها، ويعمل على تكريس قيم مشتركة للبشرية جمعاء الممتثلة في السلام والتنمية والإنصاف والعدالة والديمقراطية والحرية، ويحرص على التقدم يدًا بيد مع جميع القوى المتقدمة في العالم، مضيفا أن الصين ستبقى من يبني السلام العالمي ويسهم في التنمية العالمية ويدافع عن النظام الدولي. وكانت هذه البيانات تمثل المبادئ الأساسية التي تتبعها الصين في المستقبل في تطوير علاقاتها الودية مع دول العالم ودفع قضية التقدم البشري، وتهدي طريق التقدم إلى الأمام. وفي هذا السياق، إننا على استعداد لمواصلة بذل جهود مشتركة مع دول الشرق الأوسط لبناء علاقات شراكة بمستويات أعلى وإقامة مجتمع المستقبل المشترك الذي يتميز بروابط أوثق وفتح آفاق أكثر اشراقا للعلاقات بيننا.

  ومن هذا المنطلق، انه من الضروري الالتزام بمبدأ الحفاظ على الأرواح فوق كل الاعتبارات والعمل على تعميق التعاون في مكافحة الجائحة. ستواصل الصين تقديم اللقاحات إلى دول الشرق الأوسط قدر المستطاع، والتعاون مع مزيد من دول المنطقة في الإنتاج المشترك للقاحات أو الإنتاج المحلي. على الجانبين ومواصلة الالتزام بروح علمية ومهنية وموضوعية ورفض تسييس تتبع منشأ الفيروس بحزم ورفض "قومية اللقاحات"، سعيا الى الخروج بالنصر معا في المعركة المطولة ضد الجائحة، والمساهمة في الانتصار النهائي للبشرية على الجائحة

  انه من الضروري تعزيز الثقة السياسية المتبادلة وتوطيد أسس الصداقة. يحرص الجانب الصيني على مواصلة تكثيف التبادلات الرفيعة المستوى وتعميق التواصل الاستراتيجي مع دول المنطقة، ومواصلة تبادل الدعم بالثبات في القضايا المتعلقة بالمصالح الحيوية والهموم الكبرى للجانب الآخر، وحسن تحضير القمة الصينية العربية الأولى التي ستقود بناء المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك. هذا بالإضافةً إلى مواصلة إقامة فعاليات مختلفة مثل ندوة العلاقات الصينية العربية والحوار بين الحضارتين الصينية والعربية والمنتدى الصيني العربي للإصلاح والتنمية يقوم الجانبان من خلالها بتعزيز التواصل في مجال الحوكمة ودفع الحوار بين الحضارات وتكوين صوت صيني عربي موحد.

  انه من الضروري تفعيل الإمكانيات الكامنة للإبداع، ودفع التواصل الإنساني. يحرص الجانب الصيني على مواصلة التعاون مع دول المنطقة في بناء "الحزام والطريق" بجودة عالية، وتوسيع التعاون بنشاط في مجالات التكنولوجيا العالية والحديثة مثل اتصالات الجيل الخامس والبيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي والطيران والفضاء، والعمل على تكوين أقطاب النمو الجديدة للتعاون. علينا تعزيز التواصل الإنساني وتعميق التعاون في مجالات تعليم اللغة الصينية وتدريب الكفاءات، وتشجيع مزيد من التواصلات الشبابية، بما يوطد القاعدة الشعبية للصداقة بين الجانبين.

  انه من الضروري الدفاع عن الإنصاف والعدالة وتوسيع الصفوف التقدمية. يحرص الجانب الصيني على العمل مع دول المنطقة على الاحترام الفعلي بسيادة دول المنطقة واستقلالها وسلامة أراضيها رافعين راية عدم التدخل في الشؤون الداخلية عاليا، وتقديم دعم ثابت لدول المنطقة في جهودها لاستكشاف طرق تنموية بإرادتها المستقلة وتعزيز الوحدة وتقوية الذات والتضامن والتعاون فيما بينها، وممارسة التعددية الحقيقية ورفض الهيمنة وسياسة القوة ورفض تكوين دوائر أو ممارسة الإكراه، والدفاع عن المصلحة المشتركة للدول النامية.

  انه من الضروري الدعوة إلى التشاور والحوار، والعمل سويا على بناء الأمن الجماعي. سيواصل الجانب الصيني مشاركته البناءة في مفاوضات العودة إلى الالتزام بالاتفاق الشامل للملف النووي الايراني، والدفع بإعادة المفاوضات إلى مسارها الصحيح. نرحب بممثلي المفاوضات من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي في الصين لإجراء مفاوضات مباشرة، وندعو إلى عقد مؤتمر دولي للسلام تحت رعاية الأمم المتحدة بمشاركة الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي والأطراف المعنية بعملية السلام في الشرق الأوسط، والعمل على تحويل "حل الدولتين" من توافق إلى عمل ملموس. سيعقد الجانب الصيني منتدى أمن الشرق الأوسط في وقت مناسب، من أجل المساهمة بحكمته في إيجاد سبل جذرية لإحلال السلام والاستقرار في الشرق الأوسط.

  أيها الضيوف والأصدقاء،

  ظل الخبراء والباحثون المشاركون في هذا المنتدى يعكفون على المدى الطويل على تطوير الصداقة والتعاون بين الصين ودول الشرق الأوسط، آمل منكم أن تتحدثون بكل حرية وتتفاعلون بينكم، بما يساهم بحكمتكم في تعزيز السلام والتنمية والازدهار في الشرق الأوسط، وأتمنى نجاحا تاما لهذا المنتدى. شكرا لكم!

Appendix:

جميع الحقوق محفوظة لدي منتدي التعاون الصينى العربي

الاتصال بنا العنوان : رقم 2 الشارع الجنوبي , تشاو يانغ من , حي تشاو يانغ , مدينة بجين رقم البريد : 100701 رقم التليفون : 65964265-10-86