الديمقراطية ليست مِلكًا لدولة ما، وإنما هي قيمة للبشرية كلها

 2021-12-13 09:15

في التاسع من ديسمبر بالعام الجاري، بغض النظر عن الفوضى المتلاحقة في مجال الديمقراطية والعدد المتزايد للإصابات بفيروس كورونا المستجد داخل البلاد، عقدت الولايات المتحدة ما يسمى بـ"قمة القادة من أجل الديمقراطية" على نطاق واسع، حيث أجرت مهزلةً سياسيةً تحت سترة الديمقراطية، بغية تشويه القيم الديمقراطية وإحداث الانقسامات والمواجهات.

لم تحصل معظم دول غرب آسيا وشمال إفريقيا على "بطاقة الدخول" للقمة، بل تم تصنيفها على أنها "غير ديمقراطية". وبطبيعة الحال، قامت وسائل الإعلام الإقليمية بالكشف عن نفاقة "الديمقراطية الأمريكية" التي تجعل الديمقراطية ملكية خاصة وأداة لبعض الناس. وقال الكاتب العراقي عبد الكلام بصراحة: "إنّ تعهدات التي قطعتها الولايات المتحدة للعراق حول الديمقراطية هي في الواقع وصفٌ سامّ لا يؤدي إلا إلى الظلم"، كما أن صحيفة لوموند التركية علقت بأن "قمة الديمقراطية" أثبتت مرة أخرى حيلة الولايات المتحدة في التلاعب بهويتها السياسية، وهي تجسيدٌ لأمراضها المستعصية مثل "أمريكا أولاً" و"الإسلاموفوبيا".

لا يحقّ على الولايات المتحدة أن تحكم ما إذا كانت دولة ديمقراطيةً أم لا. قال كونفوشيوس: "إذا كان المرء لا يستطيع تصحيح سلوكه، فكيف يمكنه تصحيح سلوك الآخرين؟" الولايات المتحدة تدعي أنها "منارة للديمقراطية"، لكنها ارتكبت الأشرار بشتى أنواعها في الشرق الأوسط. وتبقى الولايات المتحدة تتجاهل حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولة مستقلة، حتى تخلت علانًا خلال فترة إدارة ترامب عن "حل الدولتين" الذي اعترف به المجتمع الدولي عموما، مما أضر بمصالح الشعب الفلسطيني بشكل خطير. في عام 2003، استغلت الولايات المتحدة وجود أسلحة الدمار الشامل كتهمة باطلة للإطاحة بنظام صدام، وهي زعمت أنها جلبت "الديمقراطية" و"الحرية" للشعب العراقي، لكنها استولت على نفطه وأمنه. واليوم، رغم أنه للشعب العراقي أصوات للاقتراع، لكنهم ما زالوا يقلقون على الرزق والمعيشة، ويخافون على سلامتهم الشخصية. قبل أيام قليلة، كتب السيد طارق الحميد رئيس التحرير السابق لصحيفة "الشرق الأوسط" مقالةً سائلا عما إذا كان للديمقراطية نمطٌ واحد فقط ويقاس بالمعايير الأمريكية فقط؟ وما إذا كانت ممارسات الولايات المتحدة في الشرق الأوسط مثل الاحتلال العسكري وإثارة الاضطرابات ممارسات ديمقراطية؟ وكذلك أشار الباحث التونسي مرزوقي إلى أنه وفقًا لمنطق بايدن، لقد أصبحت الديمقراطية ناديًا حصريا يتم اختيار أعضائه بأساليب غير ديمقراطية، خدمةً لمصالح الولايات المتحدة. لقد أفقدت الأعمال الشريرة المتراكمة مؤهلات الولايات المتحدة من إصدار الأوامر في الشرق الأوسط. لا يمكن الحكم على ما ذا كانت دولة ديمقراطية أم لا إلا بشعوبها، ولا حقَّ للولايات المتحدة في إصدار أي حكم.

كما لا يحق للولايات المتحدة تقييم ما إذا كانت نموذج الديمقراطية لدولة ما جيد أم لا. ظلّت الولايات المتحدة تحكم على الإيجابيات والسلبيات للديمقراطية في جميع البلدان بناءً على منطق الهيمنة ووفقا لرغباتها، وهي تصف إيران وسوريا "العصيان" بـ"محور الشر"، وتقوم بالقمع ضدهما، وتحاول إحداث الصراعات والمواجهات في المنطقة من أجل استخدامها للحفاظ على الهيمنة. وأشارت "طهران تايمز" الإيرانية وكاتب العمود التركي حسن جمال بأن الجرائم التي ارتكبتها الولايات المتحدة ضد إيران والدول الأخرى لن تختفي إلى الأبد. وإن سجن أبو غريب وسجن غوانتانامو وغيرهما "بقاع سوداء" في مجال الديمقراطية لا تستطيع الولايات المتحدة محوها. بينما تتجنب الولايات المتحدة الحديث عن التمييز العنصري وعنف السلاح وغيرهما من أوجه القصور في بلادها، كما تتجاهل بشكل انتقائي ما قامت به من قتل المدنيين وانتهاك حقوق الإنسان في البلدان الأخرى. ويبيّن ما يذكر أعلاه أن مقاييسها للديمقراطية مثل عصابة مطاطية، وليست لها أي قدر من المصداقية على الإطلاق.

ولا يحق للولايات المتحدة الحكم على ما إذا كانت نموذج الديمقراطية في دولة ما ناجعا أم لا. بعد حادثة "9.11"، أطلقت الولايات المتحدة خطة "التحول الديمقراطي في الشرق الأوسط الكبير" حيث زرعت قسرا الديمقراطية الأمريكية في العراق، مما أغرقت العراق في عقود من الاضطرابات وأدتْ إلى انتشار تنظيم "الدولة الإسلامية". في عام 2011، اندلعت الاضطرابات في العديد من البلدان في غرب آسيا وشمال أفريقيا، لكن الولايات المتحدة ادّعت بأن المنطقة استقبلت "موجة من التحول الديمقراطي"، وحرضت على "الثورة الملونة" في العديد من البلدان، وأقدمت على التدخلات المسلحة في سوريا وليبيا واليمن ودول أخرى بشكل سافر، الأمر الذي لم يؤد إلا إلى الفوضى والتدمير وتشرد الشعوب، وما زال يُغرق المنطقة في الاضطرابات. يرى الكاتب التركي بهادير يني شهيرلي أوغلو أن على تركيا الابتعاد عن "قمة الديمقراطية" وأن تختار حازمةً مسارا مستقلا يتناسب مع الظروف الوطنية. لقد أثبتت الحقائق مرارًا وتكرارًا أن الديمقراطية الأمريكية ليست "وصفةً ناجعةً" لجميع الأمراض، وأن الدوس على سيادة الدول الأخرى باسم "التحول الديمقراطي" لن يؤدي إلا إلى الفشل والمشاكل التي لا تنتهي. لأنّ الديمقراطية هي القيمة المشتركة للبشرية جمعاء، وليست حكرا على أيدى أي بلد، لذا يجب أن يكون أشكال الديمقراطية وطرق تحقيقها ومتنوعًا في منطقة الشرق الأوسط التي تتمتع بالتراكم التاريخي العميق والثقافات الدينية الملونة.

كما قال الرئيس شي جينبينغ: أفضل الأحذية هي التي تناسب الأقدام، وأفضل طريقة الحكم هي التي تخدم رفاهية الشعب. لم تكن الديمقراطية براءة اختراع خاصة لأي بلد، وإنما هي القيمة المشتركة التي طورتها دول العالم بناءً على تقاليدها التاريخية وواقعها السياسي. فإن الشعب هو الأحقّ للحكم على ما إذا كان الطريق التنموي في بلاده مناسب أم لا. وفي التعامل مع دول المنطقة، ظلت الصين تدعم دول غرب آسيا وشمال إفريقيا في اتباع الطرق التنموية التي تناسب ظروفها الوطنية، وتلتزم باحترام سيادة الدول والدعوة إلى التشاورات على قدم المساواة وتعزيز التضامن والتعاون. طرح مستشار الدولة ووزير الخارجية وانغ يي مبادرة ذات خمس نقاط لتحقيق الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط خلال زيارته للشرق الأوسط في مارس بالعام الجاري: حيث أكد أن السبيل الأساسي لإخراج الشرق الأوسط من حفرة الفوضى إلى الاستقرار هو التخلص من المنافسة الجيوسياسية بين القوى الكبرى واستكشاف الطرق التنموية ذات الخصائص الشرق أوسطية بشكل مستقل؛ وبناء إطار أمني يأخذ في الاعتبار المخاوف المعقولة لجميع الأطراف، بعيدا عن الضغوط والتدخلات الخارجية، وبطريقة شاملة وسلمية. إن الصين ستستمر في الالتزام الثابت بإضفاء الطابع الديمقراطي على العلاقات الدولية، وستعمل بلا كلل وملل على بناء السلام وتدعيم الاستقرار والمساهمة في التنمية للشرق الأوسط.

Appendix:

جميع الحقوق محفوظة لدي منتدي التعاون الصينى العربي

الاتصال بنا العنوان : رقم 2 الشارع الجنوبي , تشاو يانغ من , حي تشاو يانغ , مدينة بجين رقم البريد : 100701 رقم التليفون : 65964265-10-86