المناظر تبقى، لكن العالم تغير

 2022-01-04 09:20

يعتبر عام 2021 الذي شهد عديدا من اللحظات التاريخية علامة فارقة للصين والعالم كله. في اليوم الأخير من عام 2021، لنراجع ما مضى ونستعرض تقلبات الأوضاع العالمية وتغيراتها، ووجدنا أنه ليس بحاجة إلى استعراض التاريخ لمدة ألف سنة، إن العالم قد تغير بالفعل.


يعد طريق الصين أكثر جاذبية في ظل تغيرات الأوضاع العالمية

يصادف عام 2021 الذكرى المئوية لتأسيس الحزب الشيوعي الصيني. بعد الاختبارات لمدة مائة عام، حصل الحزب الشيوعي الصيني على نتائج مبهرة في وجه الاختبارات. هذا الحزب الصغير "غير المشهور" آنذاك وحد قلوب أبناء الشعب الصيني وقادهم في محاربة الأعداء بحزم وصمود، وحقق الإنجازات العظيمة للثورة الديمقراطية الجديدة بعد تجاوز المشقات الصعبة. هذا الحزب الثوري الذي "يجيد بتدمير العالم الفاسد القديم" قاد دولة شرقة فقيرة ذات عدد السكان الكبير في "بناء عالم جديد". يواجه هذا الحزب الحاكم الأوضاع الداخلية والدولية المعقدة، فكسر القيود من حيث العقلية، ويسعى بالحزم للتطور والتقدم، وأكمل عملية التصنيع التي مرت بها الدول المتقدمة لمئات السنين في غضون عقود قليلة، وأوجد المعجزات المتمثلة في التطور الاقتصادي السريع والاستقرار الاجتماعي الطويل الأمد. والآن هذا الحزب الكبير الذي له أكثر من 90 مليون عضو نجح في قيادة الشعب الصيني إلى تحقيق الهدف المئوي الأول بنجاح، وبناء المجتمع الرغيد الحياة على نحو شامل على أرض الصين، وحل قضية الفقر المدقع بشكل تاريخي، وتحقيق المنجزات العظيمة للاشتراكية ذات الخصائص الصينية في العصر الجديد، وفتح رحلة جديدة لبناء دولة اشتراكية حديثة على نحو شامل.

يصادف عام 2021 الذكرى الـ10 لـ "الربيع العربي" أيضا. قبل عشر سنوات، لم يستقبل الشعب في الشرق الأوسط الذين رغبوا في كتابة "قصة الربيع" مقدمة لربيع دافئ، بل مقدمة لفصل الشتاء القارس. في السنوات العشر الماضية، أدت الحروب في سوريا وليبيا وغيرهما إلى مقتل ما يقرب من 800 ألف شخص، يبلغ عدد اللاجئين من الدول العربية التي يمثل سكانها 5٪ فقط من سكان العالم 53٪ من عدد لاجئي العالم. وإن قضايا الفقر والكساد الاقتصادي والصراعات العرقية وغيرها التي عانتها دول المنطقة لفترة طويلة لم يتم حلها، بل اشتدت مع مرور الزمان. إن الولايات المتحدة والدول الغربية تتجاهل الظروف الخاصة لدول الشرق الأوسط وتنخرط في التسلط والتنمر باسم الإصلاح الديمقراطي، الأمر الذي جعلها السبب الخارجي الرئيسي لتدهور الوضع الإقليمي. لقد أثبتت الحقيقة مرة أخرى أن ما تصدره الولايات المتحدة والدول الغربية إلى المنطقة ليس الحرية والعدالة، بل الاضطراب والكارثة.

بعد مرور عشر سنوات خاسرة، أدركت شعوب الشرق الأوسط بوضوح أن "التطلع إلى الشرق" هو موضع يكمن فيه الأمل والفرصة. توفر "الحوكمة الصينية" خيارا جديدا لطرق الحوكمة والتنمية لدول الشرق الأوسط. في السنوات الأخيرة، عززت الصين ودول الشرق الأوسط باستمرار التنسيق الاستراتيجي ومواءمة الإجراءات والدفع ببناء المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك، بما يضفي المزيد من الاستقرار والطاقة الإيجابية على عالم اليوم غير المستقر.


تبدي التنمية الصينية أكثر إقناعا في ظل تغيرات الأوضاع العالمية

يصادف عام 2021 الذكرى الـ20 لانضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية. على مدى السنوات العشرين الماضية، تظل الصين تدعم العولمة الاقتصادية بحزم، وتتمسك بتنفيذ سياسة الانفتاح، وتعمل على تحرير التجارة والاستثمار وتسهيلها، وحققت إنجازات تنموية تجذب أنظار العالم. كان حجم الاقتصاد الصيني يمثل أقل من 4% من إجمالي الاقتصاد العالمي قبل عشرين عاما، وتجاوزت هذه النسبة 17% بعد عشرين عاما. أصبحت الصين أكبر دولة لتجارة السلع في العالم في عام 2013 وساهمت بنسبة 30%  من النمو الاقتصادي العالمي في عام 2020، وتحتل بقوة مكانة محورية في السلسلة الصناعية العالمية، وأصبحت من رواد في العولمة الاقتصادية.

في المقابل، انخفضت نسبة الاقتصاد الأمريكي في الاقتصاد العالمي من 31.6% في عام 2001 إلى 24.7% في عام 2020 على الرغم أنها فرضت بشكل متكرر حصارا وعقوبات على الدول الأخرى في مجال الاقتصاد والتجارة في السنوات الأخيرة. كان حجم تجارة 80% من دول العالم مع الولايات المتحدة أعلى مما مع الصين قبل عشرين عاما، وبعد عشرين عاما، يكون التبادل التجاري بين 128 دولة من أصل 190 دولة في العالم مع الصين أعلى مما مع الولايات المتحدة.

 أتاح النمو السريع للاقتصاد الصيني فرصا هائلة لدول الشرق الأوسط. على مدى السنوات العشرين الماضية، ازداد التبادل التجاري بين الصين ودول الشرق الأوسط بما يقرب من 13 ضعفا، وتبقى الصين كأكبر شريك تجاري لدول الشرق الأوسط، كما أن دول الشرق الأوسط هي أيضا أكبر مورد النفط الخام للصين. الآن يعمل الجانبان بنشاط على الدفع بالبناء المشترك بالجودة العالية لـ "الحزام والطريق" وبناء طريق حرير يتسم بالكسب المشترك والخضرة والابتكار.


أصبح دور الصين أكثر تأثيرا في ظل تغيرات الأوضاع العالمية

يصادف عام 2021 الذكرى الـ50 لاستعادة المقعد الشرعي للصين الجديدة في الأمم المتحدة. قام عدد كبير من الدول النامية بما في ذلك دول الشرق الأوسط بحمل الصين إلى الأمم المتحدة قبل خمسين عاما. وبعد خمسين عاما، لم تخيب الصين ثقة وتوقعات دول المنطقة، ولعبت دورا إيجابيا وبناء في تعزيز التسوية السياسية للقضايا الساخنة في المنطقة. بعد اندلاع الصراع بين الفلسطين والإسرائيل في مايو 2021، دفعت الصين بصفتها الرئيس الدوري لمجلس الأمن لمراجعة القضية الفلسطينية لخمس مرات، مما أطلق صوتا قويا لوقف إطلاق النار ومنع العنف. كما طرحت الصين "مبادرة ذات خمس نقاط لتحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط"، ورؤية ذات أربع نقاط لحل المسألة السورية سياسيا، وأفكار ذات ثلاث نقاط لتنفيذ "حل الدولتين" بشأن القضية الفلسطينية، الأمر الذي حظي بدعم واسع وثناء صادق من قبل دول المنطقة.

يصادف عام 2021 الذكرى الـ20 لحادثة "11 سبتمبر". قبل عشرين عاما، استخدمت الولايات المتحدة القوة للتدخل في الشؤون الداخلية لدول الشرق الأوسط تحت راية مكافحة الإرهاب، انطلاقا من مصلحتها السياسية الخاصة. على مدى السنوات العشرين الماضية، إن معظم القنابل التي ألقتها الولايات المتحدة والدول الغربية ويبلغ عددها 326 ألفا سقطت على أراضي دول الشرق الأوسط. وتجاوزت نسبة مبيعات الأسلحة الأمريكية أكثر من 85% من مبيعات الأسلحة العالمية في عام 2020، وما يقرب من نصفها ذهب إلى الشرق الأوسط. كانت نتيجة حرب مكافحة الإرهاب التي استمرت 20 عاما هي أدت إلى نمو الإرهاب. وتحولت منطقة الشرق الأوسط التي كانت معروفة بـ "منطقة الحضارات" في تاريخ البشرية إلى "مستنقع الأمن" في نظر العالم تحت نيران الحروب للولايات المتحدة والدول الغربية.

يتفق العديد من دول الشرق الأوسط على أن المفهوم الأمني الجديد المشترك والشامل والتعاوني والمستدام الذي تدعو الصين إليه هو المفتاح الحقيقي للسلام والاستقرار في المنطقة. ترتفع الأصوات الداعية إلى استمرار الدور الصيني العادل في منطقة الشرق الأوسط، وتعمق التعاون بين الصين ودول الشرق الأوسط في مجال السلام والأمن. أصدر اجتماع جامعة الدول العربية على مستوى وزير الخارجية لهذا العام قرارا أعربت الدول العربية فيه عن تقديرها بشكل خاص ولأول مرة لجهود الصين المهمة والفاعلة لتحقيق السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط .

تتقدم عجلات التاريخ إلى الأمام بلا توقف، ولا يرجع العالم إلى الأمس. عند نقطة انطلاق تاريخية جديدة، ستقف الصين دائما إلى الجانب الصحيح من التاريخ، وإلى جانب التقدم للبشرية، وإلى جانب الإنصاف والعدل الدوليين، وإلى جانب الدول النامية الغفيرة، وتعمل مع جميع الدول والشعوب المحبة للسلام لخلق مستقبل أشرق وأفضل.

Appendix:

جميع الحقوق محفوظة لدي منتدي التعاون الصينى العربي

الاتصال بنا العنوان : رقم 2 الشارع الجنوبي , تشاو يانغ من , حي تشاو يانغ , مدينة بجين رقم البريد : 100701 رقم التليفون : 65964265-10-86