تعزيز الأمن والتنمية والعدالة ———"صوت البريكس" في الشرق الأوسط

 2022-05-23 14:02

في الوقت الراهن، تتلاقى آثار التغيرات غير المسبوقة في العالم منذ مائة سنة وجائحة القرن، ويتصاعد الصراع بين روسيا وأوكرانيا، وتشتعل عقلية الحرب الباردة من الرماد، وتترك أزمةُ الغذاء والطاقة تداعيات سلبية على الاقتصاد العالمي. في الوقت الذي تشهد الأوضاع الدولية فيه تغيرات عميقة ومعقدة، إن دول البريكس، بصفتها ممثل عن الدول النامية الكبيرة ولها التأثيرات العالمية، يجب عليها إطلاق صوتها واتخاذ خطواتها في هذا الصدد.

في يوم 19 مايو، ألقى الرئيس الصيني شي جينبينغ كلمة افتراضية في الجلسة الافتتاحية لاجتماع وزراء خارجية دول البريكس، حيث دعا دول البريكس الخمس لإجراء حوار وتواصل مع مزيد من الأسواق الناشئة والدول النامية وتشديد روابط التعاون وجعل كعكة التعاون أكبر فأكبر والقوة التقدمية أقوى فأقوى، وذلك يوفر إرشادا مهما لاستقرار واستدامة التعاون بين دول البريكس. وأشار مستشار الدولة وزير الخارجية وانغ يي في اجتماع وزراء خارجية دول البريكس إلى أن دول البريكس يجب أن تكون نموذجا في ثلاثة مجالات وهي الثقة السياسية المتبادلة والخطوات العملية والتقوية الذاتية عبر التضامن، مما أطلق نداء قويا لتقدم دول البريكس  إلى الأمام يدا بيد.

واجهت منطقة الشرق الأوسط التي عانت أصلا من الأوضاع المعقدة والمضطربة صعوبات وتحديات جديدة في ظل الاضطرابات في الساحة الدولية. إن دول البريكس باعتبارها أصحاب المصلحة ذو الأهمية للأوضاع في الشرق الأوسط، قامت مرة أخرى بصب الاهتمام على المنطقة والمساهمة في إيجاد حلول لإحلال السلام. في يوم 17 مايو، ترأست الصين باعتبارها دولة الرئاسة الدورية لآلية البريكس الاجتماع التشاوري الافتراضي على مستوى نائب وزير الخارجية لدول البريكس بشأن شؤون الشرق الأوسط، حيث اجتمع نائب وزير الخارجية الصيني دنغ لي مع الممثلين من روسيا والهند وجنوب إفريقيا والبرازيل عبر الاتصال المرئي من أجل تبادل وجهات النظر حول الوضع  والقضايا الساخنة في الشرق الأوسط بشكل معمق، وتوصلوا إلى توافق واسع النطاق، مما أبرز الإرادة الراسخة لتعزيز الأمن والاستقرار والتنمية في الشرق الأوسط، وأظهر المسؤولية المشتركة للحفاظ على العدل والإنصاف الدوليين. تبنى الاجتماع بيانا مشتركا يعد الأول من نوعه منذ السنتين بالنسبة لدول البريكس حول قضايا الشرق الأوسط، مما أطلق صوتا مشتركا لدول البريكس، ألا وهو العمل يدا بيد على الدفاع عن مقاصد ومبادئ "ميثاق الأمم المتحدة" والحفاظ على السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، والدفع بإيجاد حلول عادلة للقضايا الساخنة وما إلى ذلك. اتفقت دول البريكس بالإجماع على ما يلي:

— يجب الإصغاء إلى نداء الشرق الأوسط والعمل سويا على الحفاظ على الاستقرار وتعزيز السلام. تتمتع منطقة الشرق الأوسط بموقع استراتيجي مهم، وتتعلق بالسلام والتنمية في العالم. على الرغم من استمرار الصراع بين روسيا وأوكرانيا، إلا أنَّ هناك قضايا مهمة وملحة كثيرة في الشرق الأوسط تحتاج إلى حلول عاجلة. لذلك يجب على المجتمع الدولي ألا يشتت الانتباه عن الوضع في الشرق الأوسط، وألا يخفف دعمه لشعوب الشرق الأوسط، بل ينبغي أن يستمر في تعزيز الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، خاصةً أن يتوخى الحذر من تطور العوامل غير المستقرة وغير المؤكدة في الشرق الأوسط، التي قد تشكل صدمات جديدة على الأمن والاستقرار في العالم. ويجب على دول البريكس الاستماع إلى نداء شعوب الشرق الأوسط ولعب الدور البناء في مساعدة دول الشرق الأوسط على إنهاء النزاعات والصراعات والمساهمة بالطاقات الإيجابية الأكثر في الحفاظ على السلام في العالم.

— يجب التمسك بالموضوعية والحياد والدفاع عن الإنصاف والعدالة. إنّ مقاصد ومبادئ "ميثاق الأمم المتحدة" وغيرها من القواعد الأساسية للعلاقات الدولية هي "الخط القياسي" للتمسك بالعدالة والإنصاف الدوليين، و"المفتاح الذهبي" لتسوية الصراعات والنزاعات. لا ينبغي أن توجد استثناءات في الدفاع عن هذه المبادئ، ناهيك عن ممارسة المعايير المزدوجة. ويجب احترام السيادة والاستقلال وسلامة الأراضي لجميع الدول، ودعم دول المنطقة في استكشاف الطرق التنموية بإرادتها المستقلة، ومعارضة التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، ومعارضة إجبار الدول الأخرى على الاصطفاف إلى طرف ضد طرف آخر، ومعارضة فرض العقوبات الأحادية الجانب بشكل تعسفي.

— يجب تعزيز الحوار والتشاور ومراعاة الهموم الأمنية المعقولة. إنّ القضية الفلسطينية تظل جوهرا لقضية الشرق الأوسط. على الرغم من أن بعض الدول العربية حسّنت علاقاتها مع إسرائيل، إلا أنّ القضية الفلسطينية لم تختف بسبب ذلك، فلا يجوز تجاهلها وتهميشها. قامت دول البريكس بتشجيع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي على استئناف محادثات السلام على أساس "حل الدولتين"، ودعوة المجتمع الدولي إلى عقد مؤتمر السلام الدولي برعاية الأمم المتحدة. ويجب تكريس تعددية الأطراف وإيجاد حلول سياسية ودعم دور الأمم المتحدة كالقناة الرئيسية للوساطة في القضايا الإقليمية الساخنة بما فيها المسائل السورية والعراقية واليمنية والليبية. على الرغم من أن هناك العديد من النزاعات في المنطقة، حتى تكون بعضها حادة للغاية، إلا أنه لا يمكن تحقيق السلام الحقيقي والدائم إلا عبر الحوار والتشاور مع مراعاة الهموم المعقولة لكافة الأطراف

— يجب الاهتمام بمعيشة الشعب في المنطقة ومساعدتها في التنمية والتعافي. يعاني العديد من دول الشرق الأوسط حاليا من الضربات المتعددة المتعلقة بجائحة كورونا والعقوبات الأحادية الجانب وأزمة الغذاء وشح إمداد الطاقة وما إلى ذلك، مما زاد من الصعوبات في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية. تولي دول البريكس اهتماما بالغا لذلك وتؤكد على ضرورة توظيف المزايا الخاصة لكل طرف وحشد قوة مشتركة فعالة لمساعدة دول المنطقة على تخفيف الأزمات الإنسانية وتحقيق الانتعاش والتنمية في أسرع وقت ممكن وتحسين معيشة الشعب وتوطيد الأسس المتينة للسلام والاستقرار في المنطقة.

— يجب تعميق التنسيق والتعاون بين كافة الأطراف وطرح حلول البريكس. إن دول البريكس لها توافقات واسعة النطاق وتفاعلات إيجابية حول شؤون الشرق الأوسط. كما قامت الصين وروسيا وغيرهما من دول البريكس بطرح مبادرات ومواقف خاصة بتحقيق الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط ومنطقة الخليج لمرات عديدة واتخاذ خطوات فعالة في هذا الصدد. في ظل الوضع الحالي، يجب على دول البريكس تعزيز التواصل والمواءمة والاستفادة الجيدة من آليات مثل المشاورات على مستوى نائب وزير الخارجية لدول البريكس حول شؤون الشرق الأوسط، وتقديم المزيد من الأفكار والمساعدات لإعلاء صوت "البريكس" المتمثل في الحفاظ على الاستقرار وتعزيز السلام في الشرق الأوسط، وإثراء مفهوم التضامن والتعاون بين دول البريكس والدول النامية.

إنّ دول البريكس ودول الشرق الأوسط تنتمي جميعًا إلى الدول النامية، وتتحمل مهمة شاقة لتحقيق التنمية الوطنية ونهضة الأمة، كما تواجه مخاطر وتحديات أتت بها الهيمنة الأحادية والمواجهة بين التكتلات. يحرص الجانب الصيني على العمل مع دول البريكس ودول الشرق الأوسط وشعوبها على بذل الجهود المشتركة والتمسّك بالإخلاص والتضامن، وسلك الطريق المستقيم، وتقديم مساهمة في بناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية.

Appendix:

جميع الحقوق محفوظة لدي منتدي التعاون الصينى العربي

الاتصال بنا العنوان : رقم 2 الشارع الجنوبي , تشاو يانغ من , حي تشاو يانغ , مدينة بجين رقم البريد : 100701 رقم التليفون : 65964265-10-86