حديقة الحضارات... نحو المزيد من الازدهار

 2023-04-04 13:23


قبل أيام، حضر الرئيس شي جينبينغ الحوار الرفيع المستوى بين الحزب الشيوعي الصيني والأحزاب السياسية العالمية المنعقد في بكين، حيث ألقى كلمة رئيسية وطرح فيها للمرة الأولى مبادرة الحضارات العالمية. تعد هذه المبادرة منفعة عامة مهمة أخرى تقدمها الصين للمجتمع الدولي بعد مبادرة التنمية العالمية ومبادرة الأمن العالمي، الأمر الذي يضخ طاقة إيجابية قوية لبناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية.


لاقت مبادرة الحضارة العالمية ترحيبا حارا على الفور من المجتمع الدولي، وخاصة الدول العربية. في هذا السياق، قال وزير المالية والتخطيط الاقتصادي السوداني الدكتور جبريل إبراهيم إن هذه المبادرة تواكب اتجاه التطور التاريخي وتحشد توافق المجتمع الدولي وتجسد الرغبة الصادقة للتعاون مع كافة الأطراف في بناء عالم أجمل، وستقدم مساهمة تاريخية جديدة للدفع بتقدم البشرية. وأعرب رئيس حزب صوت الشعب الجزائري لمين عصماني عن استعداد بلاده للتعاون مع الصين في بناء نظام سياسي واقتصادي أكثر عدلا في العالم، واحترام التنوع والخصائص لشعوب الدول وحضاراتها، بما يعود بالفوائد على شعوب العالم في عملية التحديث. وقال رئيس مكتب الإعداد والثقافة والإعلام لحزب البعث السوري الدكتور مهدي دخل الله إن المبادرة توقد آمال شعوب العالم في التطور الحضاري. وقال عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين فتحي كليب إن المبادرة عبرت عن الرغبة المشتركة لشعوب العالم في بناء عالم جديد خال من الصراعات والهيمنة ويعيش فيه الجميع بالمساواة والسلام.


إن التواصل بين الحضارتين الصينية والعربية يرجع إلى زمن بعيد ويسير دائما في طليعة التواصل بين حضارات العالم. إذ تتشارك الحضارتان نفس المفهوم الثقافي الذي يدعو إلى الوئام بدلا من التطابق وإعلاء السلام، الأمر الذي يكفل دوام الترابط والتناغم والتلاحم بين الجانبين، وينصب نموذجا للتعايش المنسجم بين الدول التي تختلف من حيث الثقافة والدين والنظام السياسي.


-- الدعوة المشتركة إلى احترام التنوع الحضاري في العالم. يدعو كلا الجانبين إلى استبدال التباعد الحضاري والصراع الحضاري والتفوق الحضاري بالتواصل الحضاري والتنافع الحضاري والتسامح الحضاري، ويرفض "نظرية صراع الحضارات" و"نظرية التفوق الحضاري" و"ظاهرة الإسلاموفوبيا". في العام الماضي، استجابت الصين بنشاط لجهود منظمة التعاون الإسلامي، ودفعت الدورة الـ76 للجمعية العامة للأمم المتحدة لتبني القرار الذي يحدد يوم 15 مارس كـ"اليوم العالمي لمكافحة الإسلاموفوبيا"، ويدعو إلى تعزيز الحوار العالمي على كافة المستويات لتكريس ثقافة التسامح والسلام.



-- الدعوة المشتركة إلى تكريس القيم المشتركة للبشرية جمعاء. انعقدت القمة الصينية العربية الأولى بنجاحفي نهاية العام الماضي، حيث أصدر الجانبان "إعلان الرياض" الذي يؤكد على أهمية تكريس القيم المشتركة للبشرية جمعاء المتمثلة في السلام والتنمية والعدالة والإنصاف والديمقراطية والحرية؛ وتعزيز الحوار بين الحضارات واحترام الثقافات المختلفة. قبل أيام، حقق الحوار بين السعودية وإيران في بكين إنجازا مهما، مما أطلق "موجة المصالحة" في الشرق الأوسط، ويعد هذا الحوار ثمارا جديدا للممارسة الصينية والعربية لتكريس الحوار والشمول. عليه، سجلت وسائل الإعلام في الشرق الأوسط تقديرها العالي، مؤكدة أن مبادرة الحضارة العالمية ترسي أساسا مهما لوقف الحروب وإطلاق حوار السلام، وتدل بجلاء على أن حل الخلافات عبر الحوار والتشاور أمر يتفق مع تطلعات الشعوب ويتفق مع تيار العصر ومصالح الدول.



-- الدعوة المشتركة إلى الاهتمام بالتوارث والابتكار الحضاريين. يدعم الجانبان الصيني والعربي جهود الجانب الآخر في دفع التحول المبتكر والتنمية المبتكرة لثقافتهما التقليدية الممتازة خلال عملية التحديث. اليوم، قد أصبح "التحديث الصيني النمط" الكلمة المفتاحية للتنمية في الصين، وتستلهم سماته المهمة، مثل الدعوة إلى التناسق بين الحضارتين المادية والمعنوية والتعايش المنسجم بين الإنسان والطبيعة وسلك طريق التنمية السلمية، من قيم الثقافة الصينية التقليدية، مثل "التوفيق بين الأخلاق والمنفعة" و"التناغم بين الطبيعة والإنسان" و"إعلاء السلام". وفي السنوات الأخيرة، يعمل الكثير من الدول العربية على دفع الإصلاح الاجتماعي وتعزيز جهود مكافحة الإرهاب ونزع التطرف وتمكين المرأة والشباب واستكشاف الطرق التنموية التي تتناسب مع ظروفها الوطنية وثقافتها التقليدية، وكل ذلك يستلهم من دين الإسلام الذي يدعو إلى التسامح والمساواة وطلب العلم.


-- الدعوة المشتركة إلى تعزيز التواصل والتعاون الشعبي على المستوى الدولي. في السنوات الأخيرة، يشهد الجانبان تطورا كبيرا للتواصل الشعبي وحماسة متزايدة لتعلم لغة وثقافة الجانب الآخر. في هذا السياق، تملك عشرات جامعات صينية تخصص اللغة العربية أو دورات اللغة العربية، في المقابل، يملك أكثر من ٢٣٠ مؤسسة تعليمية عربية دورات اللغة الصينية. بالإضافة إلى ذلك، قد أدرجت السعودية ومصر وغيرهما من ٤ دول عربية اللغة الصينية في المناهج الدراسية الوطنية. في ديسمبر الماضي، بعث أكثر من ١٠٠ شاب سعودي دارس اللغة الصينية رسالة إلى الرئيس شي جينبينغ لمشاركته تجاربهم وأفكارهم حول دراسة اللغة الصينية. من جانبه، رد الرئيس شي جينبينغ على الرسالة وشجع فيها الشباب السعوديين على إتقان اللغة الصينية من أجل تقديم مساهمات جديدة في تعزيز الصداقة الصينية السعودية والصداقة الصينية العربية. في هذا السياق، قد عقد الجانبان ٩ دورات من ندوة الحوار بين الحضارتين الصينية والعربية، الأمر الذي يدفع الجانبين بقوة لتعزيز التواصل والتنافع الحضاري وتعميق الصداقة.


"مثلما تتعايش المخلوقات بانسجام، تتنوع الطرق التنموية بدون التناقض". في المسيرة الجديدة، نثق بأن الصين والدول العربية ستسيران يدا بيد على طريق التحديث، وتسهمان في تعزيز التواصل الشعبي والتلاحم الثقافي وتفاهم الشعوب في العالم، بما يجعل حديقة الحضارات العالمية أكثر ازدهارا وحيوية!


Appendix:

جميع الحقوق محفوظة لدي منتدي التعاون الصينى العربي

الاتصال بنا العنوان : رقم 2 الشارع الجنوبي , تشاو يانغ من , حي تشاو يانغ , مدينة بجين رقم البريد : 100701 رقم التليفون : 65964265-10-86