الوحدة والمصالحة... الاتجاه العام

في يوم 19 مايو الجاري، انعقدت الدورة الـ32 لقمة جامعة الدول العربية في مدينة جدة بالسعودية. حضر الرئيس السوري بشار الأسد القمة تلبية للدعوة بعد 12 عاما، مما أعاد "الصورة الجماعية" للبيت العربي، ويعد ذلك أبرز النقاط لهذه الدورة من القمة.  لقد تم اعتماد "إعلان الرياض" خلال القمة، الذي يتم من خلاله إطلاق صوت موحد إزاء القضية الفلسطينية وعودة سورية إلى جامعة الدول العربية وغيرهما من القضايا الإقليمية الساخنة.

بعث الرئيس شي جينبينغ رسالة التهنئة إلى الرئيس الدوري للقمة العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز آل سعود، معربا فيها عن تهنئته لانعقاد القمة وارتياحه لمواصلة الدول العربية خطو خطوات جديدة وتحقيق نتائج جديدة في الطريق نحو التضامن والتقوية الذاتية. كما أعرب عن حرص الجانب الصيني على بذل جهود مشتركة مع الدول العربية لتكريسروح الصداقة الصينية العربية وتنفيذ مخرجات القمة الصينية العربية الأولى على نحو جيد والارتقاء بعلاقات الشراكة الاستراتيجية الصينية العربية إلى مستوى أعلى، بما يكتب صفحات جديدة للصداقة الصينية العربية. من جانبه، أعرب وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود عن الترحيب والشكر للرئيس شي جينبينغ على رسالته التهنئة نيابة عن الجانب العربي في المؤتمر الصحفي بعد القمة.

رحبت الدول العربية عموما بعودة سورية. دعا ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي الأمير محمد بن سلمانآل سعود في كلمته الرئيسية الدول العربية إلى تعزيز الوحدة لتحقيق المصالح المشتركة للدول العربية. كما قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إن الدول العربية يجب ألا تواصل تعلق آمالها على الخارج، بل يجب عليها مواجهة التحديات بالوحدة. أكد الرئيس السوري بشار الأسد في كلمته أمام القمة مرارا وتكرارا على ضرورة الحفاظ على الوحدة بين الدول العربية عبر المصالحة في مسيرة تعددية الأقطاب العالمية، والحيلولة دون التدخلات الخارجية في الشؤون العربية. لذا لقد أصبحت السعي وراء السلام وتحقيق التنمية وتعزيز الوحدة توافقات عامة لدول المنطقة، وتعمل الدول العربية حاليا على تعزيز الاستقلال الاستراتيجي والتقوية الذاتية عبر التضامن والدفع بتحقيق السلام والاستقرار والتنمية في المنطقة.

في اللآونة الأخيرة، حققت المباحثات بين السعودية وإيران في بيجينغ تقدمات مهمة، مما خلق جوا جديدا للمنطقة. تشهد العلاقات بين دول الشرق الأوسط"موجة المصالحة" في الوقت الراهن، حيث ظهرت بوادر التحسن للعلاقات بينبعض الدول العربية  وإيران، وحققت عملية السلام في اليمن تقدمات إيجابية، وقررت قطر والبحرين باستئناف العلاقات الدبلوماسية، هذا إلى جانب التحسن التدريجي للعلاقات الثنائية بين تركيا ومصر. أثبتت الحقائق أكثر من مرة على أن الشرق الأوسط هو الشرق الأوسط لشعوبه، وأن شعوبه قادرة على تقرير مستقبلها ومصيرها. لا يمكن تحقيق الأمن والآمان الدائمين إلا من خلال الالتزام بمفهوم الأمن المشترك والمتكامل والتعاوني والمستدام وانتهاج طريق الأمن الجديد النمط المتمثل في الحوار والشراكة والكسب المشترك بدلا من المجابهة والتحالف والمحصلة الصفرية.

بالتزامن تقريبًا مع قمة الجامعة العربية، عقدت مجموعة السبع قمتها في هيروشيما، لكن باختلاف واضح مع القمة العربية، كانت مجموعة السبع تدعي "بالمضي قدما نحو عالم يسوده السلام والاستقرار والازدهار" بنبرة عالية، غير أنها تعمل على إعاقة السلام العالمي وتخريب الاستقرار في مختلف المناطق وقمع الدول الأخرى في التنمية، وتروج بـ"فك الارتباط وكسر السلاسل" وبناء "فناء صغير محاط بجدار عالي" تحت ستار الأيديولوجية والقيم، وتسعى إلى تكوين "دوائر ضيقة" لإقصاء الدول المعينة عنها. ستؤدي هذه التصرفات المعاكسة للاتجاه العام للتاريخ إلى مفاقمة العجز في السلام والتنمية والأمن والحوكمة، وستلحق أضرارا خطيرة بالسلام والاستقرار والوحدة والتنمية للمجتمع الدولي.

إن المثل العليا هي خلق عالم يتقاسمه الجميع. يجب معالجة شؤون العالم من خلال التشاور بين الجميع، ويجب التحكم في مستقبل العالم ومصيره من قبل جميع دول العالم. إن التعاون والسلام باعتبارهما تيارا للتاريخ لا يقاوم، يتطابقان مع تطلعات شعوب العالم. يسعد الصين أن ترى وتدعم الدول العربية لتحقيق الوحدة، وتحرص على مواصلة العمل يدا بيد مع الدول العربية الشقيقة على تبادل الدعم لبعضهما البعض في التنمية الوطنية ونهضة الأمة، وتضافر الجهود لحماية السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، ودفع التعاون العملي في كافة المجالات بخطوات متزنة، بما يضفي المزيد من القوة الإيجابية للدفاع عن التعددية الأطراف الحقيقية والعدل والإنصاف الدوليين، تزامنا مع خدمة الشعب الصيني والشعوب العربية.