كلمة مبعوث الحكومة الصينية الخاص لقضية الشرق الأوسط السيد تشاي جيون في الجلسة الافتتاحية للدورة الرابعة للمنتدى الصيني العربي للإصلاح والتنمية

 2023-09-30 09:45

سيادة رئيس الوزراء الأسبق لجمهورية العراق السيد عادل عبدالمهدي، وسيادة نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية الأسبق ووزير الخارجية الأسبق للمملكة الأردنية الهاشمية السيد جواد العناني، ومعالي وزير الإعلام الأسبق لسلطنة عمان السيد عبدالمنعم الحسني، ومعالي الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية السيد خالد منزلاوي المحترمون،

سعادة رئيس مجلس الإدارة لمركز الدراسات الصيني العربي للإصلاح والتنمية أمين اللجنة الحزبية لجامعة شانغهاي للدراسات الدولية السيد جيانغ فنغ المحترم،

سعادة أمين اللجنة الحزبية لمنطقة سونغجيانغ لمدينة شانغهاي السيد تشنغ سيانغمين المحترم،

أيها الخبراء والعلماء والضيوف والأصدقاء،

صباح الخير! أولا يطيب لي أن أتقدم نيابة عن وزارة الخارجية الصينية بالتهاني الصادقة على افتتاح الدورة الرابعة للمنتدى الصيني العربي للإصلاح والتنمية، وأعرب عن الترحيب الحار بحضور الضيوف الصينيين والأجانب.

يصادف العام الجاري الذكرى الـ10 لمبادرة "الحزام والطريق" المطروحة من الرئيس شي جينبينغ، كما أنه عام الانطلاق لعملنا على تنفيذ مخرجات القمة الصينية العربية الأولى. إن هذه الدورة للمنتدى، التي يستضيفها مركز الدراسات الصيني العربي للإصلاح والتنمية، تعقد في مدينة شانغهاي التي تعتبر الجبهة الأمامية للإصلاح والانفتاح في الصين، تحت عنوان بناء المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك، وستناقش فيها المواضيع العديدة وفي مقدمتها التعاون في بناء "الحزام والطريق"، فجاءت هذه الدورة في وقتها ولها أهمية بالغة.

على مدى العقد المنصرم، تعمل الصين والدول العربية يدا بيد على بناء "الحزام والطريق"، ويتقدم التعاون بينهما في كافة المجالات بخطوات متزنة، وأحرز سلسلة من النتائج المثمرة، مما قدم جوابا ممتازا في هذا الصدد.

أولا،  تناسق السياسات يبقى على المستوى العالي. لاقت مبادرة "الحزام والطريق" ترحيبا حارا وتجاوبا إيجابيا من قبل الدول العربية قبل الغير فور طرحها. إذ كانت الكويت أول بلد عربي وقع مع الصين على وثيقة التعاون بشأن بناء "الحزام والطريق". وكانت جامعة الدول العربية أول منظمة إقليمية وقعت مع الصين على وثيقة التعاون بشأن بناء "الحزام والطريق". وتم إدراج مبادرة "الحزام والطريق" ومفهوم التشاور والتعاون والنفع للجميع في مخرجات القمة الصينية العربية الأولى والاجتماعات الوزارية لمنتدى التعاون الصيني العربي، كما اعتمد مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري قرارات يؤكد فيه على التعاون الصيني العربي في بناء "الحزام والطريق" لـ12 مرة على التوالي.

ثانيا، التعاون في مجالات الاقتصاد والتجارة والطاقة يرتقي إلى مستوى جديد. تبقى الصين كأكبر شريك تجاري للدول العربية، وتجاوز حجم التبادل التجاري بين الصين والدول العربية  430 مليار دولار أمريكي في عام 2022، بزيادة ما فوق 30% على أساس سنوي، ما يعادل ضعفين مما كان عليه قبل 10 سنوات. وتجاوز رصيد الاستثمارات المباشرة المتبادلة بين الصين والدول العربية 30 مليارات دولار أمريكي، بزيادة نحو 3 أضعاف مما كان عليه قبل 10 سنوات. واستوردت الصين 270 مليون طن من النفط الخام من الدول العربية، وذلك يحتل نصف حجم الواردات الصينية من النفط الخام من العالم لوقت طويل. كما يشمل التعاون بين الجانبين في مجال الغاز والنفط مجرياته الكاملة، ويشهد التعاون بينهما في الطاقة الجديدة تطورا مزدهرا، وتم إنجاز سلسلة من المشاريع الرمزية في هذا المجال.

ثالثا، ثمار التعاون في البنية التحتية تعود بالخير على شعوب الجانبين. قد نفذ الجانبان أكثر من 200 مشروع تعاون كبير في إطار التعاون في بناء "الحزام والطريق"، بما في ذلك دفعة من المشاريع الرمزية مثل حي المال والأعمال بالعاصمة الإدارية الجديدة في مصر ومصفاة ينبع في السعودية والمرحلة الثانية من مشروع ميناء خليفة في أبوظبي والطريق السيار شرق ـ غرب في الجزائر، وتعود ثمار التعاون بالخير على قرابة مليارين نسمة من شعوب الجانبين. وتمت طباعة صور المشاريع التي بنتها الشركات الصينية على العملات المحلية مثل ملعب لوسيل القطري ومبنى المقر الجديد لبنك الكويت المركزي وجسر محمد السادس في المغرب. بالإضافة إلى سلسلة من المشاريع الصغيرة لكن النافعة التي تسهم بشكل فعال في تخفيف الصعوبات أمام الشعوب العربية في مجالات الموارد المائية والتربية والتعليم والشؤون البلدية والنقل والمواصلات، مثل المختبر المشترك للري الموفر للمياه التي أنشأته الصين ومصر بشكل مشترك، والدفعة الجديدة من المساعدات بما فيها معدات إزالة ونقل النفايات التي قدمتها الصين إلى اليمن، والطريق الدائري في مدينة رام الله بفلسطين الذي تم تشغيله.

رابعا، التعاون في مجال الابتكار يحقق اختراقا جديدا. تم تشكيل شبكة التعاون لنقل التكنولوجيا التي تربط آلاف المؤسسات البحثية والشركات الابتكارية في الصين والدول العربية بعد إنشاء المركز الصيني العربي لنقل التكنولوجيا والمركز الصيني العربي للطاقة النظيفة ومركز التميز الصيني العربي لبيدو والمركز الصيني العربي للأبحاث الدولية للحد من الجفاف والتصحر وتدهور الأراضي على التوالي، وإنشاء 8 مراكز ثنائية لنقل التكنولوجيا في الإمارات وغيرها من الدول. وأسهمت تكنولوجيا الجيل الخامس للاتصالات ونظام بيدو للملاحة ومركز البيانات الضخمة للصين في بناء المدن الذكية في الدول العربية، ومكّن انتشار الاقتصاد الرقمي والتجارة الإلكترونية العابرة للحدود مزيدا من المواطنين الصينيين والعرب من التمتع بالمنتجات المتميزة والعالية الجودة للجانب الآخر، كما أجرى الجانبان التواصل الأكاديمي والبرامج التدريبية بشكل دوري، مما دفع بتأهيل الأكفاء وبناء القدرات بشكل مشترك.

خامسا، التواصل الإنساني والثقافي يعزز التقارب. يدعو الجانبان إلى التواصل والاستفادة المتبادلة بين الحضارات، فأنشأ آليات التواصل الإنساني والثقافي التي تشمل الحوار بين الحضارتين الصينية والعربية وتبادل إقامة المهرجانات الفنية والتواصل الشعبي والإذاعة والتلفزيون والتعاون النسائي، مما أرسى أساسا متينا للتقارب بين الشعوب. تشهد الدول العربية "الحمى" لتعلم اللغة الصينية، وتم إدراج اللغة الصينية في المناهج الدراسية الوطنية رسميا في عديد من الدول. ويعبر الفنانون العرب المشهورون عن الصداقة الصينية العربية بفنونهم الجميلة من خلال المشاركة في الرحلة الإبداعية في إطار فعالية "التقاء الفنانين في طريق الحرير". تشير نتيجة استطلاع الرأي العام إلى أن المواطنين الصينيين والعرب وخاصة الشباب منهم، ينظرون إلى الجانب الآخر كصديق مخلص وودي وموثوق به، وذلك يدل على أن الصداقة الصينية العربية تترسخ في قلوب الناس.

الضيوف الكرام والأصدقاء،

على مدى 10 سنوات من التشاور والتعاون والتنافع، قد أصبحت مبادرة "الحزام والطريق" منفعة عامة دولية لاقت إقبالا واسعا، وكذلك أكبر منصة للتعاون الدولي. نبعت مبادرة "الحزام والطريق" من الصين، غير أن فرصها ونتائجها تخدم العالم برمته. إن الجانب الصيني على استعداد للعمل مع الجانب العربي على انتهاز فرصة تنفيذ مخرجات القمة الصينية العربية الأولى، وخاصة "إعلان الرياض للقمة الصينية العربية الأولى" و"الخطوط العريضة لخطة التعاون الشامل بين الصين والدول العربية" وإجراءات التعاون في مختلف المجالات الواردة في ما طرحه الرئيس شي جينبينغ خلال القمة من "الأعمال الثمانية المشتركة" للتعاون العملي الصيني العربي، بغية مواصلة التعاون في بناء "الحزام والطريق" بجودة عالية، وزيادة المتانة والقوة للتعاون بين الجانبين في مختلف المجالات.

علينا بناء "الحزام والطريق" ليكون طريقا للسلام والتنمية. يشهد عالم اليوم العجز المتفاقم في السلام والتنمية والأمن والحوكمة باستمرار، فيواجه المجتمع البشري خيارا حاسما ما بين التعاون والتضامن وبين الانعزال والانقسام. إن الصين والدول العربية باعتبارها أعضاء في صفوف الدول النامية، ينبغي لها أن تتحمل المسؤولية المهمة للعمل سويا على إقامة المعادلة الدولية المتسمة بالتنمية السلمية. يستعد الجانب الصيني للعمل مع الجانب العربي على تكريس روح "إعلان الرياض للقمة الصينية العربية الأولى" واستكشاف طرق التحديث التي تتماشى مع الظروف الوطنية لكلا الجانبين، والحفاظ على تعددية الأطراف، والتمسك بالتعاون والكسب المشترك، ومعارضة صنع المواجهة الأيديولوجية، والابتعاد عن الطريق القديم المتمثل في الصراعات الجيوسياسية ولعبة الغالب والمغلوب، والدعوة إلى التعايش المتناغم، والامتناع عن بناء "الفناء الصغير المحاط بالحائط العالي" والالتزام بالأمن المشترك، بما يهيئ ظروفا سلمية ومستقرة لبناء "الحزام والطريق".

علينا بناء "الحزام والطريق" ليكون طريقا للانفتاح والتسامح. في الوقت الراهن تنقص الاقتصاد العالمي قوة دافعة كافية للتعافي، فمن الصعب لأي دولة وخاصة الدول النامية أن تحقق التعافي السريع بمجرد الاعتماد على نفسها في حالة الانغلاق. يحرص الجانب الصيني على اتخاذ إجراءات ملموسة مع الجانب العربي لتعزيز الترابط بين الجانبين من حيث المفاهيم والمنشآت والتجارة ورؤوس الأموال والأفراد، في سبيل الاندماج في سلاسل الإمدادات والصناعات والقيم العالمية بشكل أفضل؛ والحفاظ بثبات على التجارة الحرة ومنظومة التجارة متعددة الأطراف، والسعي إلى التوصل إلى توافق بشأن الترتيبات بشأن منطقة التجارة الحرة في يوم مبكر؛ وإطلاق عنان الإمكانيات الكامنة للتنمية من خلال الاستفادة من الموارد وعوامل الإنتاج لدى كلا الجانبين، بما يحول الدول العربية إلى أرض خصبة للشركات الصينية لتوسيع أعمالها في خارج الصين، ويحول الصين إلى منصة للدول العربية للاستثمار ومزاولة الأعمال بشكل مستمر.

علينا بناء "الحزام والطريق" ليكون طريقا للابتكار الأخضر. يعد الابتكار التكنولوجي القوة الإنتاجية الأولى، وهو لا يضخ قوة محركة ضخمة للتنمية فقط، بل يعود بالفوائد على معيشة الشعوب أيضا. يحرص الجانب الصيني على التعاون مع الجانب العربي لاحتضان الفرص التي أتت بها الجولة الجديدة من الثورة التكنولوجية والثورة الصناعية، بما يحقق قفزة في التنمية بشكل مشترك. على الجانبين التفعيل الكامل لدور مركز نقل التكنولوجيا والمختبر المشترك ومركز التطوير المشترك وغيرها من المنصات الصينية العربية، ومواصلة توظيف الإمكانيات الكامنة للتعاون في مجالات ناشئة وعالية التكنولوجيا مثل الصحة والنمو الأخضر ومنخفض الكربون والاتصالات المعلوماتية والطيران والفضاء والاقتصاد الرقمي والذكاء الاصطناعي، وتعزيز التمازج بين التكنولوجيا الرقمية والاقتصاد الحقيقي، وتكوين نقاط نمو جديدة للتعاون. سيلتزم الجانب الصيني بالتنمية المدعومة بالابتكار، ويعارض الاحتكار التكنولوجي والحصار التقني، وسيواصل تقديم التقنيات الحديثة والقابلة للتطبيق للجانب العربي، بما يساعد الدول العربية على تحقيق تحول القطاعات والارتقاء بمستواها.

علينا بناء "الحزام والطريق" ليكون طريقا للاستفادة المتبادلة. يحرص الجانب الصيني على التعاون مع الجانب العربي لمواصلة تدوين قصص جميلة عن التواصل والاستفادة المتبادلة بين الحضارتين، وتنفيذ مبادرة الحضارة العالمية بشكل مشترك، والتمسك بالمساواة والاستفادة المتبادلة والحوار والتسامح بين الحضارات، وتجاوز الفوارق الحضارية والصراعات الحضارية ونظرية التفوق الحضاري بالتواصل والاستفادة المتبادلة والتعايش بين الحضارات، ومعارضة "الإسلاموفوبيا" بأي شكل من الأشكال. سيعمل الجانب الصيني مع الجانب العربي على إنجاح ندوة العلاقات الصينية العربية والحوار بين الحضارتين الصينية والعربية؛ وتعزيز بناء مركز الدراسات الصيني العربي للإصلاح والتنمية، ودفع تبادل الخبرات بين الجانبين في الحكم والإدارة نحو اتجاه أكثر عمقا وعملية واتساعا؛ ودعم وتعزيز التواصل والتعاون بين المؤسسات الفكرية والبحث في إنشاء الرابطة الصينية العربية للمؤسسات الفكرية، بما يوفر مزيدا من الدعم الفكري للصداقة والتعاون بين الصين والدول العربية في مختلف المجالات.

الضيوف الكرام والأصدقاء،

ستعقد الدورة الثالثة لمنتدى "الحزام والطريق" للتعاون الدولي في بيجينغ في الشهر القادم، وهي تعتير أهم فعالية لإحياء الذكرى العاشرة لمبادرة "الحزام والطريق"، كما توفر منصة مهمة لتشاور كافة الأطراف حول سبل التعاون في بناء "الحزام والطريق" بجودة عالية. نثق بأن الدول العربية باعتبارها شريكا مهما يدعم ويشارك بنشاط في التعاون في إطار "الحزام والطريق"، ستشارك في هذه الدورة بصورة معمقة ومن كافة الأبعاد، وستقدم مساهمات فريدة ومهمة لها.

ختاما، آمل من الضيوف الكرام تعزيز التواصل الفكري وإثارة العصف الذهني وبلورة التوافقات للتعاون وتقديم الاقتراحات والتوصيات، بما يقدم مساهمة أكبر للتعاون في بناء "الحزام والطريق" وبناء المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك. وأتمنى لهذه الدورة للمنتدى الصيني العربي للإصلاح والتنمية التوفيق والنجاح!

  وشكرا لكم!

Appendix:

جميع الحقوق محفوظة لدي منتدي التعاون الصينى العربي

الاتصال بنا العنوان : رقم 2 الشارع الجنوبي , تشاو يانغ من , حي تشاو يانغ , مدينة بجين رقم البريد : 100701 رقم التليفون : 65964265-10-86