عضو المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني وزير الخارجية وانغ يي يجيب على أسئلة الصحفيين الصينيين والأجانب حول سياسة الصين الخارجية وعلاقاتها الدولية

 2024-03-08 14:23


CGTN: لم تشهد الأزمة الأوكرانية أي بادرة للتهدئة حتى الآن. قد قلتم أثناء حضور مؤتمر ميونيخ للأمن في الشهر الماضي إن كل ما فعله الجانب الصيني يهدف إلى دفع مفاوضات السلام، فمتى يمكن العودة إلى مائدة المفاوضات برأيكم؟

وانغ يي: فيما يخص القضية الأوكرانية، ظل الجانب الصيني يلتزم بالموقف الموضوعي والعادل، ويتمسك بدفع مفاوضات السلام. أجرى الرئيس شي جينبينغ شخصيا تواصلا معمقا مع قادة الدول بما فيها روسيا وأوكرانيا، وأصدر الجانب الصيني ورقة الموقف الصيني في هذا الشأن على وجه الخصوص، وأرسل مبعوثه الخاص لعدة مرات للقيام بالوساطة المكوكية. إن كل ما فعلناه يخدم هدفا واحدا، ألا وهو تمهيد الطريق ومد الجسر لوقف القتال ودفع مفاوضات السلام.

شعرنا بقوة أثناء حضور مؤتمر ميونيخ للأمن قبل فترة أن عددا متزايدا من الناس بدأوا يقلقون من "الخسارة لأطراف عدة" التي قد تترتب على الأزمة الأوكرانية، معربين عن استعدادهم لتهيئة الظروف لاستكشاف مخرج موثوق به.

أثبتت التجارب في التاريخ أن الصراع إذا استمر بدون حل لفترة طويلة غالبا ما سيتفاقم ويتصاعد حتى يخرج عن تصورات أصحاب الشأن. وسيتراكم سوء الفهم وسوء الحكم، ثم يؤديان إلى أزمة أكبر في حالة تعثر إطلاق مفاوضات السلام. ينبغي استيعاب الدروس في هذا الشأن.

تعتبر طاولة المفاوضات نقطة النهاية لأي صراع. كلما بدأت المفاوضات بشكل أبكر، سيأتي السلام بشكل أبكر. يمكن لأوروبا إنشاء إطار أمني متوازن وفعال ومستدام بشكل حقيقي، طالما تلتزم كافة الأطراف بمقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة وتعالج همومها المشروعة بشكل ملائم.

إن "الضرورات الأربع" التي طرحها الرئيس شي جينبينغ هي المرجعية الأساسية التي ينتهجها الجانب الصيني لإيجاد حل سياسي للأزمة الأوكرانية. يدعم الجانب الصيني عقد مؤتمر سلام دولي مقبول لدى الجانبين الروسي والأوكراني في وقت مناسب بمشاركة كافة الأطراف على قدم المساواة، وتُناقش فيه جميع حلول السلام بشكل عادل. يتطلع الجانب الصيني إلى استعادة السلام والاستقرار للقارة الأوروبية في يوم مبكر، مستعدا لمواصلة دوره البناء في هذا الصدد.

تشاينا نيوز سيرفيس: كيف ستخدم الدبلوماسية الصينية التحديث الصيني النمط بشكل أفضل؟ كيف ترد على تلك الأصوات التي تقلق من أفق الاقتصاد الصيني؟

وانغ يي: كما تعلمون، حقق الاقتصاد الصيني في العام الماضي نموا بمعدل 5.2%، مما ساهم بثلث النمو العالمي. ما زال "المحرك الصيني" قويا، وإن "الصين القادمة" ما زالت الصين. وبهذه المناسبة، أود أن ألفت اهتمامكم لبعض التوجهات الجديدة:

أولا، إن التنمية في الصين لا تشمل النمو المعقول للكمية فقط، بل تشمل الارتقاء الفعال بالجودة أيضا، إذ تشهد الصناعات الناشئة تطورا مزدهرا، وحقق التحول الأخضر نتائج بارزة، وتتحسن التوقعات الاجتماعية بشكل مطرد، وتتشكل القوة الإنتاجية الجديدة بشكل متسارع. ثانيا، إن السوق الصينية الضخمة البالغ عدد سكانها 1.4 مليار نسمة تفتح ذراعيها للعالم حاليا، إذ تظهر الحاجات الجديدة والأعمال الجديدة بشكل متفجر، ويتوسع مجال الصين لكلا التنمية الذاتية والتعاون مع الخارج بشكل سريع. ثالثا، أصبحت بوابة الصين للانفتاح على الخارج أوسع فأوسع، وتزداد جودة الانفتاح المؤسسي العالي المستوى بشكل مستمر، إذ انخفض المستوى العام للتعريفات الجمركية في الصين إلى ما يناهز المستوى للأعضاء المتقدمة في منظمة التجارة العالمية، وتقلصت القائمة السلبية للاستثمار الأجنبي إلى أقل من 31 قطاعا، وتم رفع جميع القيود على نفاذ الاستثمار الأجنبي إلى قطاع التصنيع، ويتسارع انفتاح قطاع الخدمات على الخارج، وما زال معدل العائد على الاستثمار الأجنبي في الصين يتصدر العالم.

إن التنمية الصينية لا تستغني عن العالم، والتنمية للعالم لا تستغني عن الصين أيضا. من يبث المعلومات المتشائمة المغلوطة عن الصين سيتضرر منها، ومن يقدّر الصين سوءا سيضيع الفرص.

تعد الدبلوماسية الاقتصادية جزءا مهما من الشؤون الخارجية، وسنواصل إصدار إجراءات بما فيها المزيد من التسهيلات للمدفوعات، من شأنها تسهيل تبادل الأفراد بين الصين والدول الأخرى. وأود أن أخبركم أن الصين ستطبق بشكل تجريبي سياسة الإعفاء من تأشيرة الدخول لمواطني الدول الستة وهي سويسرا وأيرلندا والمجر والنمسا وبلجيكا ولوكسمبرغ اعتبارا من يوم 14 في مارس الجاري، ونأمل أن تمنح المزيد من الدول تسهيلات التأشيرة للمواطنين الصينيين، كي نعمل معا على إنشاء شبكة سريعة لتبادل الأفراد عبر الحدود، والإسراع في استئناف رحلات الركاب الدولية، بما يمكن المواطنين الصينيين من السفر متى يشاؤون، ويجعل الأصدقاء الأجانب يأتون إلى الصين كأنهم في بيوتهم. وسننظّم المزيد من الزيارات للسفراء الأجانب لدى الصين إلى الأقاليم الصينية، بما يبني مزيدا من الجسور للمحليات والشركات من أجل الانفتاح والتعاون مع الخارج. ونحرص على التنسيق مع الجهات المختصة للبحث في توقيع مزيد من الاتفاقيات العالية المعايير للتجارة الحرة، وتوسيع شبكة مناطق التجارة الحرة المفتوحة أمام العالم، والحفاظ على الاستقرار والانسياب لسلاسل الصناعة والإمداد والبيانات العالمية. وسنحشد الجهود لحسن استضافة معرض الصين الدولي للاستيراد ومعرض الصين الدولي للتجارة في الخدمات ومعرض الصين الدولي للمنتجات الاستهلاكية ومعرض الصين الدولي لسلاسل الإمداد وغيرها من المنصات للتعاون الدولي، وسنقوم بتحسين بيئة الأعمال الموجهة نحو السوق والمستندة إلى سيادة القانون والمتسمة بالعالمية، بما يتيح توقعات أكثر استقرارا وفوائد أكثر استدامة للمستثمرين وشركاء التعاون من كافة الدول.

وكالة ANTARA الإندونيسية: اتفقت الصين ودول آسيان بالإجماع على تسريع المفاوضات، والدفع بالتوصل إلى "قواعد السلوك في بحر الصين الجنوبي" ذات الطابع الملزم. فما هو الحل الذي ستطرحه الصين من أجل خلق بيئة سلمية ومنسجمة في بحر الصين الجنوبي؟

وانغ يي: يعيش ويكدح الشعب الصيني في بحر الصين الجنوبي جيلا بعد جيل، وقد أصبحت جزر بحر الصين الجنوبي من الأراضي الخاضعة لاختصاص الحكومة الصينية وفقا للقانون منذ زمن طويل. ويكون بحر الصين الجنوبي اليوم أكثر ممر ملاحة ازدهارا وأمنا وحرية في العالم، وتمر به 50% من السفن التجارية وثلث التجارة البحرية في العالم دون التعرض لأي تشويش وعرقلة على مدى العقود الماضية. في هذا العالم المضطرب، يبقى بحر الصين الجنوبي في حالة السلام والاستقرار، وذلك لا يستغني عن الجهود المشتركة المبذولة من قبل الصين ودول آسيان، فلم تأت هذه النتيجة بسهولة، وهي تستحق الاعتزاز بها.

إن أهم الخبرات التي نستلخصها تتمثل في التمسك بالنقطتين: التمسك بإدارة النزاعات القائمة والسيطرة عليها وحلها بشكل ملائم عبر الحوار والتشاور والتفاوض بين الدول ذات الصلة المباشرة، والتمسك بالحفاظ على السلام البحري عبر الجهود المشتركة المبذولة من قبل الصين ودول آسيان. وذلك يعد أيضا الفحوى الجوهري لـ"إعلان سلوك الأطراف في بحر الصين الجنوبي" الموقع في عام 2002.

فيما يخص صيانة السلام والاستقرار في بحر الصين الجنوبي، ينبغي لكل من الصين ودول آسيان أن تواصل تنفيذ "إعلان سلوك الأطراف في بحر الصين الجنوبي" على نحو جيد، وتسرع في الوقت نفسه في دفع المشاورات حول "قواعد السلوك في بحر الصين الجنوبي"، ووضع قواعد إقليمية أكثر فعالية ومضمونا وتتفق مع القانون الدولي بما فيها قانون البحار. لقد تمت القراءة الثانية لـ"القواعد" بالنجاح، وتم إطلاق عملية القراءة الثالثة لنصها بفضل الدعم الكبير من الصين. نحن على استعداد لبذل جهود مشتركة مع دول آسيان للتوصل إلى "القواعد" في يوم مبكر، واتخاذ إجراءات ملموسة لجعل بحر الصين الجنوبي بحرا يسوده السلام والتعاون.

تلفزيون فينيكس: يتسابق المجتمع الدولي على طرح المشروعات حول الحوكمة العالمية للذكاء الاصطناعي. ما هو موقف الصين من التعاون بين الدول الكبيرة في مجال الذكاء الاصطناعي؟

وانغ يي: دخل الذكاء الاصطناعي مرحلة حاسمة من التطور المتفجر. ندعو إلى إيلاء نفس الاهتمام للتطور والأمن، أي احتضان الأشياء الجديدة والفرص الجديدة من ناحية، وتركيب الفرامل قبل تشغيل السيارة من ناحية أخرى، والعمل سويا على دفع الحوكمة العالمية للذكاء الاصطناعي. طرح الرئيس شي جينبينغ "مبادرة حوكمة الذكاء الاصطناعي العالمية" في أكتوبر الماضي، حيث سلط الضوء بوضوح على موقف الصين ورؤيتها.

إن ما نركز عليه هو الضمانات الثلاثة: أولا، ضمان الجدوى. ينبغي أن يخدم تطور الذكاء الاصطناعي الرفاهية المشتركة للبشرية، ويتفق مع المعايير الأخلاقية للبشرية وقواعد القانون الدولي، ويتماشى مع اتجاه التقدم للحضارة البشرية. ثانيا، ضمان الأمن. ينبغي أن يكون الذكاء الاصطناعي تحت سيطرة الإنسان دائما، ومواصلة زيادة قابليته للتفسير وللتوقع، وينبغي وضع برامج التقييم والإدارة والسيطرة لمختلف المخاطر في هذا الصدد. ثالثا، ضمان الإنصاف. ينبغي إنشاء مؤسسة دولية لحوكمة الذكاء الاصطناعي في إطار الأمم المتحدة، لتمكين جميع الدول من المشاركة والاستفادة من عملية تطور الذكاء الاصطناعي بشكل متكافئ.

أود أن أؤكد أيضا أن من يحاول بناء ما يسمى بـ"الفناء الصغير المحاط بالجدار العالي" في مجال الذكاء الاصطناعي، سيرتكب خطأ تاريخيا جديدا، لأن ذلك لن يتمكن من عرقلة التطور التكنولوجي لدول العالم، بل وسيقوض سلاسل الصناعات والإمداد الدولية المتكاملة، ويضعف قدرة البشرية على مواجهة المخاطر والتحديات.

تتبنى الصين موقفا منفتحا تجاه التعاون مع الدول الأخرى في مجال الذكاء الاصطناعي، وقد أنشأت آليات حوار مع بعض الدول لغاية اليوم. إن التعاون بين الدول الكبيرة التي تتقدم في الذكاء الاصطناعي مهم جدا، وإن بناء قدرة الدول النامية مهم جدا أيضا. سنقدم مشروع قرار بشأن "تعزيز التعاون الدولي في بناء القدرة في مجال الذكاء الاصطناعي" إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في وقت مناسب، بغية دفع كافة الأطراف لتعزيز تقاسم التكنولوجيا، وبذل الجهود لسد الفجوة في الذكاء الاصطناعي، وعدم ترك أي بلد خلف الركب.

زنجبار: زرتم إفريقيا في يناير الماضي، وذلك يعد امتدادا لتقليد اختيار وزير الخارجية الصيني إفريقيا في زيارته الأولى في كل عام. ما هي الخطة الصينية لتثبيت التعاون مع الدول الإفريقية؟ قام كبار المسؤولين الأمريكيين والغربيين بزيارات مكثفة إلى إفريقيا في السنوات الأخيرة. فهل يقلق الجانب الصيني من المنافسة من الغرب في العلاقات الصينية الإفريقية؟

وانغ يي: يختار وزير الخارجية الصيني إفريقيا في زيارته الخارجية الأولى كل عام. وأصبحت هذه التقاليد التي تتبع لمدة 34 سنة متتالية فريدة من نوعها في تاريخ التبادلات الدولية. ذلك لأن الصين وإفريقيا أخوان يتبادلان الصدق والإخلاص ويشتركان في مستقبل واحد، إذ خضنا كتفا بكتف في النضال ضد الإمبريالية والاستعمار، وتساندنا وتآزرنا في مسيرة التنمية والنهضة، وتمسكنا بالعدالة والأخلاقية في وجه تغيرات الأوضاع الدولية.

منذ دخولنا إلى العصر الجديد، طرح الرئيس شي جينبينغ مفهوم الشفافية والعملية والحميمية والصدق والفهم الصحيح للمسؤولية الأخلاقية والمصلحة تجاه إفريقيا، مما قاد جهود بناء المجتمع الصيني الإفريقي للمستقبل المشترك إلى "المسار السريع". تبقى الصين أكبر شريك تجاري لإفريقيا لـ15 سنة متتالية، ويتوسع حجم كعكة التعاون الصيني الإفريقي باستمرار، وتتقارب قلوب الشعب الصيني والشعوب الإفريقية باستمرار.

في الوقت الراهن، يتطور "الجنوب العالمي" الذي تكون الصين وإفريقيا ممثلا له، تطورا مزدهرا، مما ترك أثرا عميقا على مسيرة التاريخ العالمي. تمر الدول الإفريقية بصحوة جديدة، إذ أن النمط المفروض من الخارج لم يأت بالاستقرار والازدهار، وتحتاج الدول الإفريقية إلى استكشاف طرق تنموية تتماشى مع ظروفها الوطنية، والتحكم في مستقبلها ومصيرها بأيديها بكل ثبات.

في هذه المسيرة التاريخية الجديدة، ستواصل الصين الوقوف إلى جانب الإخوة الأفارقة بكل ثبات، ودعم إفريقيا في نيل الاستقلال الحقيقي من حيث الفكر والمفهوم، ومساعدة إفريقيا في رفع قدرة التنمية الذاتية، ودعم إفريقيا في تسريع وتيرة التحديث.

تدعو الصين دائما إلى ضرورة عدم تهميش إفريقيا. يرحب الجانب الصيني بما قامت به الدول الرئيسية الأخرى من إعادة أنظارها إلى إفريقيا بعد التطور المزدهر للتعاون الصيني الإفريقي. ونأمل من كافة الأطراف أن تحذو حذو الصين لزيادة الاهتمام بإفريقيا وتعزيز الاستثمار فيها ودعم تنميتها، ونحرص على إجراء مزيد من التعاون الثلاثي والمتعدد الأطراف على أساس احترام إرادة الجانب الإفريقي.

ستعقد دورة جديدة لمنتدى التعاون الصيني الإفريقي في الصين في خريف العام الجاري، حيث سيجتمع الرئيس الصيني والقادة الأفارقة مرة أخرى في بيجينغ بعد 6 سنوات، للتباحث حول خطة التعاون والتنمية في المستقبل والتواصل حول خبرات الحوكمة والإدارة على نحو معمق. أثق بأن الجانبين الصيني والإفريقي سيقومان في هذه القمة بتكريس الصداقة التقليدية وتعميق التضامن والتنسيق، بما يفتح أفقا جديدا للإسراع في التنمية المشتركة للصين وإفريقيا، ويسجل فصلا جديدا للمجتمع الصيني الإفريقي للمستقبل المشترك.

وكالة KBS: فيما يتعلق بقضية شبه الجزيرة الكورية، هل لا يزال الجانب الصيني يتمسك بموقفه القائم؟ وما هو الحل الصيني للتوتر المتصاعد الذي تشهده شبه الجزيرة في الآونة الأخيرة؟

وانغ يي: استمرت قضية شبه الجزيرة الكورية بدون حل لسنوات طويلة. يكون المسبب الجذري لها واضحا، ألا وهو بقاء التداعيات الناجمة عن الحرب الباردة، والعجز عن إقامة آلية سلام تحل المسألة الأمنية من جذورها. أما الوصفة جاهزة، ألا وهي ما طرحه الجانب الصيني من فكرة "تقدم المسارين بالتوازي" ومبدأ "الحل على مراحل وبخطوات متزامنة".

تتفاقم الأوضاع المتوترة في شبه الجزيرة الكورية في الوقت الراهن، ولا يريد الجانب الصيني أن يرى ذلك. يعاني العالم مما فيه الكفاية من الفوضى، ويجب ألا تحدث حرب أو اضطراب من جديد في شبه الجزيرة الكورية. من يحاول الرجوع بالتاريخ إلى أيام الحرب الباردة والمجابهة باستغلال قضية شبه الجزيرة الكورية، سيتحمل المسؤولية التاريخية؛ من يحاول المساس بالسلام والاستقرار في المنطقة، سيدفع ثمنا باهظا.

إن الموقف الصيني من قضية شبه الجزيرة الكورية ثابت، ونرى أن نقطة التركيز لكافة الجهود هي السعي إلى السلام والاستقرار والأمن والأمان الدائمين في شبه الجزيرة الكورية. إن الأولوية القصوى هي وقف الردع والضغط، والتخلص من دوامة المجابهة المتصاعدة. إن الطريق الأساسي هو استئناف الحوار والمفاوضات لمعالجة الهموم الأمنية المعقولة لكافة الأطراف وخاصة كوريا الديمقراطية، والدفع بعملية الحل السياسي لقضية شبه الجزيرة الكورية.

CRI: في ظل التحديات العالمية التي تطرأ واحدة تلو الأخرى، يتطلع المجتمع الدولي إلى دور أكبر للأمم المتحدة. وفي الوقت نفسه، تحاول بعض القوى العظمى الالتفاف على الأمم المتحدة لتشكيل دوائر صغيرة بأنواعها المختلفة. فكيف ينظر الجانب الصيني إلى دور الأمم المتحدة؟ وما رؤية الصين حول إصلاح الأمم المتحدة؟

وانغ يي: يرى الجانب الصيني دائما أنه لا توجد في العالم سوى منظومة واحدة، ألا وهي المنظومة الدولية التي تكون الأمم المتحدة مركزا لها؛ ولا يوجد سوى نظام واحد، ألا وهو النظام الدولي القائم على القانون الدولي؛ ولا توجد سوى مجموعة واحدة من القواعد، ألا وهي القواعد الأساسية للعلاقات الدولية التي تقوم على أساس مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، ولا يجوز لأي دولة أن تتصرف كما تشاء أو تنشئ منصة أخرى. ما شهدناه في السنوات الأخيرة من الأزمات والتحديات المتتالية يحذرنا مرارا وتكرارا من تقويض دور الأمم المتحدة وحل محلها. ومن الضروري تعزيز دورها والحفاظ على مكانتها.

مرت الأمم المتحد، منذ تأسيسها قبل أكثر من 70 سنة، باختبارات العواصف والأمطار، وصمدت أمام صدمة سياسة القوة، وهي لا تزال أكثر منظمة دولية بين الحكومات شمولا وتمثيلا ومصداقية، وهي آلية جوهرية لإحلال السلام والتنمية في العالم، ومنصة مهمة لمشاركة الدول الصغيرة والمتوسطة الغفيرة في الشؤون الدولية على قدم المساواة.

كانت الصين أول دولة وقعت على ميثاق الأمم المتحدة، وهي أكبر مساهم بقوات حفظ السلام بين الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، وثاني أكبر مساهم في ميزانية الأمم المتحدة وميزانية حفظ السلام. في وجه عجز التنمية، ندفع بمبادرة التنمية العالمية بخطوات حثيثة، ونساهم في تنفيذ أجندة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة لعام 2030. في وجه تهديد تغير المناخ، ندعم التعاون الدولي في إطار الأمم المتحدة لمواجهة تغير المناخ، وسنكمل أكبر تخفيض لانبعاثات الكربون في العالم خلال أقصر فترة في التاريخ.

وفي الوقت نفسه، من المطلوب للأمم المتحدة مواكبة العصر ومواصلة الإصلاح والاستكمال للتكيف مع الوقائع الجديدة للتنمية السياسية والاقتصادية في العالم، وزيادة التمثيل والأصوات للدول النامية. على الدول الكبيرة أن تتحمل مسؤولياتها على وجه الخصوص، وتدفع الأمم المتحدة بما فيها مجلس الأمن الدولي لأداء المهام والوفاء بالالتزامات بشكل أفضل، بما يبلور التوافقات العالمية ويحشد الموارد العالمية وينسق التحركات العالمية على نحو أكثر كفاءة. تدعم الصين جهود الأمم المتحدة لعقد قمة المستقبل للتوصل إلى "ميثاق المستقبل" الذي ستستفيد منه جميع الأطراف. كما نحرص على العمل سويا مع المجتمع الدولي على دعم استمرار التطور والاستكمال للأمم المتحدة، وتنفيذ تعددية الأطراف الحقيقية ومواصلة تعزيز دمقرطة العلاقات الدولية وبناء سيادة القانون لها، مع اتخاذ سيادة القانون الدولي كالأساس واتخاذ العدالة والإنصاف كالمقصد واتخاذ التعاون والكسب المشترك كالهدف واتخاذ الإجراءات الفعالة كالتوجه.

وكالة الأنباء الباكستانية الرسمية: لمست دول كثيرة الفوائد الملموسة التي جلبتها مبادرة "الحزام والطريق" منذ طرحها من الرئيس شي جينبينغ قبل عشر سنوات. ما تطلعكم للتعاون في بناء "الحزام والطريق" في المرحلة القادمة؟

وانغ يي: منذ طرح الرئيس شي جينبينغ مبادرة "الحزام والطريق" قبل أكثر من عشر سنوات، أحرز التعاون في بناء "الحزام والطريق" نتائج مثمرة، وأصبح هذا التعاون المنفعة العامة الأكثر إقبالا ومنصة التعاون الدولي الأكبر حجما في العالم، وطريقا للتعاون والفرص والازدهار للدول المشاركة فيه لتحقيق التنمية المشتركة يدا بيد. أعلن الرئيس شي جينبينغ في الدورة الثالثة لمنتدى "الحزام والطريق" للتعاون الدولي عن الأعمال الثمانية التي ستقوم بها الصين في المرحلة القادمة، الأمر الذي يرمز إلى دخول التعاون في بناء "الحزام والطريق" إلى مرحلة جديدة من التطور العالي الجودة. نحرص على العمل سويا مع كافة الأطراف على توارث روح طريق الحرير وتنفيذ مخرجات المنتدى، بما يفتح العقد الذهبي الثاني للتعاون في بناء "الحزام والطريق".

سندفع بزيادة الجودة والارتقاء بمستوى الترابط للمنشآت. سنواصل بناء شبكة الترابط والتواصل للبنية التحتية العالمية المتكاملة بريا وبحريا وجويا، التي تتسم بالجودة العالية والاستدامة والمرونة، مع تسريع الوتيرة لبناء "طريق الحرير الرقمي" وبناء "طريق الحرير الأخضر" على نحو معمق وتضافر الجهود في مواجهة التحديات الجديدة بكافة أنواعها.

سندفع بالترابط الناعم بشكل معمق وعملي. سنتسمك بمبادئ التشاور والتعاون والمنفعة للجميع، ونلتزم بمفاهيم الانفتاح والخضرة والنزاهة، ونتوجه بثبات نحو اتجاه المعايير العالية والمنفعة لمعيشة الشعب والاستدامة، وندفع بالمواءمة بين مبادرة "الحزام والطريق" والاستراتيجيات التنموية لكافة الأطراف على نحو معمق، ونوفق بين المشاريع النموذجية والمشاريع "الصغيرة ولكن النافعة"، ونعمل بنشاط على بناء الاقتصاد العالمي المنفتح، بما يجعل "الحزام والطريق" فرصة دائمة للتنافع لدى الجميع.

سندفع بتعميق الترابط الشعبي. سنعمل على إجراء الحوار الحضاري بين الدول الشريكة في التعاون في بناء "الحزام والطريق"، وندعم بقوة التبادلات الشعبية والمحلية بين كافة الدول، وندفع بقوة بالتواصل الثقافي والإنساني المتنوع، بما يجعل روح طريق الحرير مترسخة في قلوب الناس بشكل أكثر.

لا تسعى الصين إلى تحديث يخدم مصلحتها فقط، بل نتطلع إلى أن يصبح التعاون في بناء "الحزام والطريق" بالجودة العالية محركا لدفع التنمية المشتركة لكافة الدول ومسرعا لتحقيق التحديث العالمي.

وكالة أنباء أمريكا اللاتينية الكوبية: في العام الماضي، حققت آلية البريكس توسيع عضويتها بشكل تاريخي، ونجحت كوبا في استضافة قمة "مجموعة الـ77 والصين". رأت بعض وسائل الإعلام والأكاديميين أن "الجنوب العالمي" يمثل تحديا للنظام الدولي الذي يقوده الغرب، فما هو تعليق الصين على ذلك باعتبارها عضوا مهما في الجنوب العالمي؟

وانغ يي: يعد تطور وتنامي دول البريكس تناميا لقوة حفظ السلام وتوسعا لجبهة العدالة في العالم، ولا يمكن اعتبار ذلك تحديا. ومن منظور أوسع، إن توسيع عضوية البريكس يعد تجسيدا للصعود الجماعي لـ"الجنوب العالمي" والتقدم المتسارع لعملية تعددية الأقطاب في العالم. إن "الجنوب العالمي" كمجموعة من الأسواق الناشئة والدول النامية، قد ارتفعت حصته في الاقتصاد العالمي إلى أكثر من 40%، مما يغير خريطة الاقتصاد العالمي بشكل عميق. تكون الاستقلالية الذاتية طابعا أساسيا لـ"الجنوب العالمي"، وتكون تقوية الذات عبر التضامن تقليدا له. لم يعد "الجنوب العالمي" "الأغلبية الصامتة"، بل أصبح قوة حاسمة في تحول النظام الدولي وموضع الأمل للتغيرات غير المسبوقة منذ مائة سنة.

كانت الصين وما زالت وستظل عضوا ثابتا من "الجنوب العالمي"، وظلت الصين تشارك جميع دول الجنوب في مستقبل واحد، وظلت قوة رئيسية للدفع بالتنمية والنهضة لـ"الجنوب العالمي".

سيكون العام الجاري عام الحصاد للتعاون بين "الجنوب العالمي" ونقطة انطلاق جديدة للتضامن بين دول آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية، حيث يصادف هذا العام الذكرى الـ20 لتأسيس منتدى التعاون الصيني العربي والذكرى الـ10 لتأسيس منتدى الصين-سيلاك (مجموعة دول أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي)، كما ستنعقد دورة جديدة لقمة منتدى التعاون الصيني الإفريقي في الصين في الخريف المقبل. يتطلع الجانب الصيني إلى مشاركة كافة الأطراف في هذا الحدث المهم، لمواصلة حشد "قوة الجنوب" من التضامن والتعاون بين الدول النامية. كما ندعم روسيا لحسن استضافة قمة "البريكس الكبرى" بعد توسيع عضويتها، وندعم البرازيل وبيرو لاستضافة قمة مجموعة العشرين والاجتماع غير الرسمي لقادة منظمة التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ كل على حدة، بما يبرز "لحظة الجنوب" للحوكمة العالمية بشكل مشترك.

تشاينا ديلي: في العام الماضي، أجلت الصين أكثر من 1500 مواطن صيني في السودان بشكل عاجل وآمن. فما هي الخطوات التي ستتخذها وزارة الخارجية الصينية هذا العام في مجال الدبلوماسية لخدمة الشعب؟

وانغ يي: شهدت الأوضاع العالمية تغيرات واضطرابات متشابكة في العام الماضي، ظلت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني تهتم في كل لحظة بسلامة المواطنين وراء البحار. على مدى العام المنصرم، بذلت وزارة الخارجية والبعثات الدبلوماسية الصينية في الخارج قصارى جهدها لنقل دفء اللجنة المركزية للحزب إلى كل مواطن.

عززنا الجهود للحماية القنصلية في الخارج، وتعاملنا مع أكثر من 80 ألف قضية بالأنواع المختلفة، وأصدرنا أكثر من 6000 تنبيه للمخاطر. وقمنا بإجلاء آلاف المواطنين الصينيين من السودان وفلسطين وإسرائيل على التوالي بشكل عاجل، وبذلنا قصارى الجهد للدفاع عن سلامة أرواح المواطنين الصينيين في الخارج. وواصلنا تحسين وظائف تطبيق "القنصلية الصينية"، وتلقينا أكثر من 530 ألف اتصال هاتفي لطلب المساعدة عبر الخط الساخن "12308" في العام المنصرم. وعملنا على مواصلة رفع قيمة جواز السفر الصيني، حيث حققنا الإعفاء المتبادل من التأشيرة على نحو شامل مع أكثر من 20 دولة بما فيها سنغافورة وماليزيا وتايلاند. كما أصدرنا "لوائح الحماية والمساعدة القنصلية" التي تعد الأول من نوعها، مما رفع مستوى الالتزام بالقانون والنظام والقواعد لأعمال الحماية القنصلية .

إن الدبلوماسية لخدمة الشعب تستمر ولن تتوقف. سنركز جهودنا على إكمال ثلاث مهام رئيسية في هذا العام:

أولا، بذل قصارى الجهد لبناء منظومة السلامة خارج الصين، وتعزيز التوعية للحماية القنصلية الوقائية والإنذار المبكر للمخاطر الأمنية، ومواصلة تحسين الخط الساخن "12308"، بما يبني منصة خدمة عالية الكفاءة وشاملة الوظائف ومتكاملة السلاسل للحماية القنصلية.

ثانيا، بناء شبكة سريعة لتبادل الأفراد، والدفع بتسريع الوتيرة لاستئناف رحلات الركاب الدولية، ومواصلة توسيع "دائرة الأصدقاء" للإعفاء من التأشيرة عند الدخول إلى الصين، والتوصل مع مزيد من الدول إلى أنواع مختلفة من ترتيبات التأشيرات المتعددة الدخول والسنوات.

ثالثا، مواصلة رفع مستوى الخدمة القنصلية سواء كانت عبر الإنترنت أو بشكل وجه لوجه. تحسين تطبيق "القنصلية الصينية" وتجديده، وبناء "صالة قنصلية ذكية" للبعثات الدبلوماسية الصينية في الخارج، بما يوفر خدمات قنصلية أفضل وأسهل للمواطنين الصينيين في الخارج.

أود أن أقول لكم هنا إن الدبلوماسية الصينية دبلوماسية لخدمة الشعب. وستظل خدمة الشعب وإرضاء المواطنين موضع جهودنا.

القناة الصينية العربية: أصبح صوت الصين في الساحة الدولية أعلى فأعلى في العام الماضي، وهناك مزيد من الناس يرغبون في معرفة مزيد من قصص الصين. ما هي الأولويات والأهمية لقصص الصين في العصر الجديد حسب رأيكم؟ وما هو دور المراسلين الأجانب في نقل قصص الصين؟

وانغ يي: هذا السؤال وجيه. في السنوات الأخيرة، نقل المراسلون الأجانب لدى الصين كثيرا من القصص الحية عن الصين مثل مهام مركبات الفضاء من أسرة "شنتشو" ورحلات الغواصة "فندوتشه" إلى أعماق البحر، ومعالجة التصحر وحياة منخفضة الكربون، ودورة الألعاب الآسيوية في هانغتشو ودوريات قروية لكرة السلة بمقاطعة قويتشو. وقد رويتم للعالم القصص المثيرة عن المساعي المشتركة لأبناء الشعب الصيني البالغ عددهم أكثر من مليار نسمة لتحقيق الحلم الصيني، وعرضتم للعالم الحيوية النابضة للصين في العصر الجديد. أود أن أنتهز هذه الفرصة لأعرب عن خالص الشكر لأصدقائنا الصحفيين على جهودكم في هذا الصدد.

إن قصص الصين رائعة جدا، وفي مقدمتها قصة الحزب الشيوعي الصيني. لقد قام الحزب الشيوعي الصيني بتوحيد وقيادة أبناء الشعب الصيني للنضال الشاق على مدى أكثر من 100 سنة، وفتح طريق التحديث الصيني النمط، وخلق معجزة التنمية غير المسبوقة في تاريخ البشرية، ها هو الموضوع الأكثر بروقا في قصص الصين. إن قصص الصين هي قصص عن الشعب الصيني في نهاية المطاف، إذ أن الشعب هو بطل في قصص الصين، حيث يكافح أبناء الشعب الصيني البالغ عددهم أكثر من 1.4 مليار نسمة بشكل متواصل تحت قيادة الحزب الشيوعي الصيني، ساعين إلى حياة سعيدة بالعمل الدؤوب، ها هو أروع الفصول في قصص الصين. إن قصص الصين هي قصص تبادل الإنجاح بين الصين والعالم. ظلت الصين تربط تنميتها الذاتية بالتنمية المشتركة لدول العالم، وتواصل تعميق الإصلاح وتوسيع الانفتاح، الأمر الذي أسهم في تطوير نفسها وخدمة العالم بأسره، ها هو أعظم سردية في قصص الصين.

ذكرت أهمية رواية قصص الصين على نحو جيد، فيجب أن نرى أن قصص الصين لم تكن منعزلة، بل هي فصل مهم في قصص البشرية. إن ما استلهمنا من قصص الصين هو أن المشهد الجديد للتحديث العالمي بمختلف الأنماط سيتحقق بكل التأكيد، طالما تستكشف دول العالم طرق التحديث على أساس ظروفها الوطنية وبإرادتها المستقلة.

هناك عدد متزايد من الأصدقاء الصحفيين الأجانب الذين يروون قصص الصين. يقول أحد المراسلين الأجانب إن الصين هي أرض تحول المستحيل إلى الممكن، وإن رواية قصص الصين لم تكن عملا له فقط، بل تعد مهمته على مدى الحياة. كما لاحظت أن هناك عددا متزايدا من "مشاهير الإنترنت الأجانب" لاقوا إقبالا لدى مستخدمي الإنترنت من مختلف الدول بسبب تقاسم ما سمعوه وما رأوه في الصين. فنرحب بمزيد من الأصدقاء الأجانب لرواية قصص الصين المفعمة بالحيوية والنشاط ورواية قصص عمل الصين مع دول العالم يدا بيد على بناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية.


Appendix:

جميع الحقوق محفوظة لدي منتدي التعاون الصينى العربي

الاتصال بنا العنوان : رقم 2 الشارع الجنوبي , تشاو يانغ من , حي تشاو يانغ , مدينة بجين رقم البريد : 100701 رقم التليفون : 65964265-10-86