العمل على حفظ السلام ودعم التنمية، والاضطلاع بالمسؤولية عن تعزيز التضامن والتقدم

 2022-09-26 14:06

العمل على حفظ السلام ودعم التنمية، والاضطلاع بالمسؤولية عن تعزيز التضامن والتقدم

—— خطاب مستشار الدولة وزير خارجية جمهورية الصين الشعبية وانغ يي

في جلسة المناقشات العامة للدورة الـ77 للجمعية العامة للأمم المتحدة

(نيويورك، يوم 24 سبتمبر عام 2022)


السيد الرئيس والزملاء:

إنه عصر محفوف بالتحديات، إذ تتكرر موجات من جائحة فيروس كورونا المستجد في حين لم تهدأ الأوضاع الأمنية الدولية، وتمر عملية التعافي الاقتصادي العالمي الهش بالتعرجات، وتتعاقب المخاطر والأزمات من أنواع مختلفة. مع دخول العالم إلى مرحلة جديدة من الاضطراب والتحول، يتسارع التغير الذي لم يشهده العالم منذ مائة سنة .

كما أنه عصر مليء بالآمال، حيث تواصل التعددية القطبية العالمية والعولمة الاقتصادية والمعلوماتية الاجتماعية والتنوع الثقافي تطورها على نحو معمق، ويزداد الترابط والتكافل بين دول العالم يوما بعد يوم. لم يتغير عنوان العصر المتمثل في السلام والتنمية، وأصبحت رغبة شعوب العالم في التقدم والتعاون أقوى.

إن دعوات الصين ثابتة وواضحة بشأن الاستجابة لمتطلبات العصر والتمسك بتيار التاريخ وتضافر الجهود لإقامة مجتمع المستقبل المشترك للبشرية، ألا وهي:

أولا، ندعو إلى السلام بدلا من الحرب. أشار الرئيس شي جينبينغ إلى أن السلام كالهواء وأشعة الشمس، نستفيد منه ولا نلمسه، بينما لا وجودنا بدونه. يشكّل السلام شرطا مسبقا لكل الآفاق الواعدة وأساسا للأمن المشترك لكافة الدول. إن الاضطرابات والحروب شأنها شأن فتح صندوق باندورا، ومن يثير الحرب بالوكالة يتضرر منها بسهولة، ومن يسعى إلى الأمن المطلق لنفسه سيضر حتما بالاستقرار الاستراتيجي في العالم. علينا الالتزام بالطرق السلمية في معالجة الخلافات وحل النزاعات عبر الحوار والتشاور.

ثانيا، ندعو إلى التنمية بدلا من الفقر. تعد التنمية المفتاح لحل مختلف المعضلات وتحقيق سعادة الشعب. علينا وضع التنمية في قلب الأجندات الدولية والعمل على بلورة التوافق الدولي حول تعزيز التنمية والحفاظ على الحقوق التنموية المشروعة لكافة الدول وخلق طاقة جديدة تحرّك التنمية العالمية وإقامة شراكة التنمية العالمية، لكي تستفيد كل دولة وكل فرد من مزيد من النتائج التنموية بطريقة أكثر إنصافا.

ثالثا، ندعو إلى الانفتاح بدلا من الانغلاق. أشار الرئيس شي جينبينغ إلى أن الانفتاح طريق لا مفر منه لتحقيق الازدهار والتقدم في المجتمع البشري. من يمارس الحمائية سيقع في حفرة حفرها نفسه، ومن يقطع السلاسل ويفك الارتباط سيضر بنفسه والآخرين بالتأكيد. علينا أن ندعو إلى الانفتاح والتسامح وإزالة السياجات والحواجز التي تعرقل التدفق الحر لعوامل الإنتاج، والحفاظ على منظومة التجارة المتعددة الأطراف التي تكون منظمة التجارة العالمية مركزا لها، ودفع بناء الاقتصاد العالمي المنفتح.

رابعا، ندعو إلى التعاون بدلا من المواجهة. في وجه التحديات العالمية التي تبرز باستمرار، يعد تضافر الجهود أكبر مصدر للقوة، ويعد التضامن والتساند أكثر سبيل فعالية، ويعد التعاون والكسب المشترك أكثر أفق إشراقا. من الطبيعي أن تكون هناك تناقضات وخلافات بين الدول، غير أنه يجب تعزيز التعارف على أساس المساواة والاحترام. من المطلوب استبدال المواجهة بالحوار واستبدال الإكراه بالتشاور واستبدال اللعبة الصفرية بالكسب المشترك، والعمل سويا على مقاطعة سياسة التكتلات ومعارضة المواجهة بين المعسكرات.

خامسا، ندعو إلى التضامن بدلا من الانقسام. أشار الرئيس شي جينبينغ إلى أن دول العالم تشبه ركابا على متن سفينة كبيرة يشتركون في مصير واحد، عندما تبحر السفينة في البحر الهائج نحو مستقبل مشرق، لا بد لركابها أن يتساندوا ويتعاضدوا بروح الفريق الواحد. العالم الساعي إلى التنمية المستدامة ينبغي أن يحتضن حضارات ملونة، كما ينبغي أن تتضمن عملية التحديث للبشرية طرقا متنوعة. إن السلام والتنمية والإنصاف والعدالة والديمقراطية والحرية هي القيم المشتركة للبشرية جمعاء، لا يجوز أن يكون الاختلاف بين النظم ذريعة لصنع الانقسام، كما لا يجوز تسييس الديمقراطية وحقوق الإنسان واستخدامهما كالأداة والسلاح. علينا أن ننبذ التمييز حسب الأيديولوجيات، ونعزز التضامن لبلورة أكبر القواسم المشتركة ورسم أكبر دائرة متحدة المركز لتدعيم قضية السلام والتنمية في العالم.

سادسا، ندعو إلى العدالة بدلا من التنمر. إن الاحترام المتبادل والمساواة بين كافة الدول مهما كانت كبيرة أم صغيرة المبدأ الأول لميثاق الأمم المتحدة. من المطلوب مشاركة كافة الدول في التعاطي مع الشؤون الدولية المهمة وفي عملية وضع القواعد الدولية. لا توجد في العالم دولة متفوقة على باقي الدول، ولا يجوز لأي دولة أن تتنمر من موقع القوة وبشكل تعسفي على الدول الأخرى ذات السيادة. ينبغي أن نبذل جهودا حثيثة لمناشدة وتطبيق تعددية الأطراف الحقيقية، وندفع بالمساواة بين كافة الدول من حيث الحقوق والمصالح والقواعد والفرص، بغية بناء نوع جديد من العلاقات الدولية على أساس الاحترام المتبادل والعدالة والإنصاف والتعاون والكسب المشترك.

السيد الرئيس، أيها الزملاء،

إن الصين باعتبارها دولة دائمة  العضوية في مجلس الأمن الدولي وأكبر دولة نامية في العالم، تقف بكل ثبات إلى جانب التضامن والتعاون، وإلى جانب التيار العصري، وإلى جانب المصالح المشتركة للأغلبية العظمى من الدول.

ظلت الصين ممن يبني السلام العالمي. نعمل بنشاط على الدفع بعجلة قضية السلام الدولية، ونشارك في العمليات الدولية المعنية بالحد من التسلح ونزع الأسلحة ومنع الانتشار النووي. تعد الصين أكبر مساهم بقوات حفظ السلام بين الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، وثاني أكبر مساهم في ميزانية الأمم المتحدة وثاني أكبر ممول لعمليات حفظ السلام. من بين دول العالم، إن الصين هي الدولة الوحيدة التي ينص دستورها على "التمسك بطريق التنمية السلمية"، ومن بين الدول النووية الخمس، إن الصين هي الدولة الوحيدة التي تتعهد بألا تكون البادئة باستخدام الأسلحة النووية. إن الصين دولة قدمت مساهمات مهمة للحفاظ على الاستقرار الاستراتيجي العالمي.

في وجه التحديات الأمنية المختلفة القائمة اليوم، طرح الرئيس شي جينبينغ مبادرة الأمن العالمي التي تدعو المجتمع الدولي إلى التمسك بمفهوم الأمن المشترك والمتكامل والتعاوني والمستدام، والتمسك باحترام سيادة الدول وسلامة أراضيها، والتمسك بالالتزام بمقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، والتمسك بالاهتمام بالهموم الأمنية المشروعة لكافة الدول، والتمسك بحل النزاعات سلميا عبر الحوار والتشاور، والتمسك بحماية الأمن في المجالات التقليدية وغير التقليدية بشكل منسق. تعتبر هذه المبادرة الحكمة الصينية التي تساهم في سد العجز في السلام الذي تعاني منه البشرية إضافة إلى أنها الحل الصيني لمواجهة التحديات الأمنية الدولية.

ظلت الصين ممن يسهم في التنمية العالمية. نعمل على إنشاء منظومة الانفتاح العالي المستوى على الخارج، وصيانة سلامة واستقرار سلاسل الصناعة والإمداد العالمية، قد أصبحت الصين شريكا تجاريا رئيسيا لأكثر من 130 دولة ومنطقة، وتبلغ نسبة المساهمة السنوية للصين في النمو الاقتصادي العالمي حوالي 30% مما جعل الصين أكبر محرك للنمو الاقتصادي العالمي. تنفذ الصين أجندة الأمم المتحدة 2030 للتنمية المستدامة على نحو مثالي، إذ أنها حققت أهداف الحد من الفقر الواردة في الأجندة قبل الموعد المحدد بـ10 سنوات، وتتجاوز نسبة المساهمة لها في الحد من الفقر للعالم 70%. تشارك الصين بنشاط في الحوكمة العالمية والتعاون بين الجنوب والجنوب، وبادرت الصين بإنشاء "صندوق الصين-الأمم المتحدة في السلام والتنمية" و"صندوق التنمية العالمية والتعاون بين الجنوب الجنوب"، وقدمت مساعدات إنمائية إلى أكثر من 160 دولة محتاجة، وهي تتصدر أعضاء مجموعة العشرين من حيث حجم تعليق مدفوعات خدمة الديون لصالح الدول النامية.

طرح الرئيس شي جينبينغ بكل جدية مبادرة التنمية العالمية في الدورة الـ76 للجمعية العامة، التي يتم فيها تكريس مفهوم الشعب أولا، وإطلاق صوت البوق لإعادة التركيز على التنمية، ودعوة المجتمع الدولي لإقامة مجتمع دولي للتنمية المشتركة. وترأس الرئيس شي جينبينغ أخيرا اجتماع الحوار الرفيع المستوى للتنمية العالمية، وأعلن فيه عن عشرات من الإجراءات الملموسة الهامة بشأن تنفيذ المبادرة، الأمر الذي ضخ قوة دافعة قوية للإسراع في تنفيذ أجندة الأمم المتحدة 2030 للتنمية المستدامة. على هامش هذه الدورة من الجمعية العامة، ترأس الجانب الصيني الاجتماع الوزاري لـ"مجموعة الأصدقاء لمبادرة التنمية العالمية"، بغية بلورة توافقات جديدة للدفع بتنفيذ المبادرة. إن نمو الصين الذي يتقدم إلى الأمام مثل القطار السريع سيوفر مزيدا من ديناميكية لنمو العالم، ويزيد من رفاهية شعوب العالم.

ظلت الصين ممن يدافع عن النظام الدولي. نحافظ دائما بحزم على مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة والمنظومة الدولية التي تكون الأمم المتحدة مركزا لها والنظام الدولي القائم على أساس القانون الدولي. تشارك الصين في الشؤون المتعددة الأطراف من كافة الأبعاد، إذ أنها انضمّت تقريبا إلى جميع المنظمات الدولية الحكومية العامة وأكثر من 600 معاهدة دولية، وعقدت أكثر من 27 ألف اتفاقية ثنائية مع الخارج، بالإضافة إلى الوفاء الجدي بالتزاماتها الدولية. ظلت الصين تلتزم بـ"الإعلان العالمي لحقوق الإنسان"، وتبذل جهودا دؤوبة لضمان حقوق الإنسان وتعزيزها  في الصين، وفي الوقت نفسه ترفض رفضا قاطعا محاولات تسييس حقوق الإنسان، مما دفع التطور الصحي للتعاون الدولي في حقوق الإنسان.

إن الصين باعتبارها عضوا من الدول النامية تقف إلى جانب الدول النامية الغفيرة إلى الأبد. نشعر بالسعادة من صميم القلب إزاء التقدم السريع الذي حققته الدول النامية في السنوات الأخيرة، وسنواصل الدفاع عن الدول النامية ومساعدتها على تجاوز الصعوبات، وسنبذل قصارى جهدنا لدعم زيادة التمثيل والأصوات للدول النامية في الشؤون الدولية. لم تعد الدول النامية الغفيرة "الأغلبية الصامتة" في العمليات الدولية المتعددة الأطراف، وكان التضامن بين الصين والدول النامية بشكل أوثق وإطلاق النداءات العادلة منها يجعلها ركنا أساسيا لتعزيز التعاون الإنمائي وصيانة العدالة والإنصاف.

ظلت الصين ممن يقدم المنافع العامة. في وجه جائحة فيروس كورونا المستجد، بذلت الصين قصارى جهدها لدفع التعاون الدولي لمكافحة الجائحة والمشاركة فيه، وعملت قدر الاستطاعة على تقديم المستلزمات الوقائية وتقاسم الخبرات في مكافحة الجائحة، وكانت أول دولة تعهدت بجعل اللقاح المضاد لفيروس كورونا المستجد منفعة عامة عالمية وكانت أول دولة دعمت رفع براءة اختراع لقاحات كورونا، وقد قدمت ما يزيد عن 2.2 مليار جرعة من لقاحات كورونا إلى أكثر من 120 دولة ومنظمة دولية.

في وجه معضلة التنمية التي تشغل بال العالم، دعا الرئيس شي جينبينغ إلى دفع التعاون في بناء "الحزام والطريق" بجودة عالية، الأمر الذي لاقى ترحيبا واسع النطاق من المجتمع الدولي. قد وقعت الصين وثائق التعاون مع 149 دولة و32 منظمة دولية في العالم، كما أسّست البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية وصندوق طريق الحرير، وأنشأت أكبر منصة تعاون دولي على النطاق الأوسع وأكثرها شمولا.

في وجه الهموم المشتركة لكافة الدول حول أمن البيانات، أطلقنا "مبادرة أمن البيانات العالمية" التي توفر ما يمكن الاستفادة منه أثناء وضع القواعد العالمية للأمن الرقمي.

في وجه تغير المناخ العالمي، تسلك الصين بثبات طريق التنمية الخضراء والمنخفضة الكربون الذي يعطي الأولوية للبيئة الإيكولوجية، وقد أعلنت الصين أهدافا طموحة حول بلوغ ذروة الكربون وتحييد الكربون، ودفعت تنفيذ "اتفاق باريس"، وساهمت بربع مساحة التشجير في العالم، وبذلت جهودا دؤوبة لإقامة مجتمع الحياة المشتركة للإنسان والطبيعة.

في وجه مسألة الأمن الغذائي العالمي، طرحت الصين مبادرة التعاون الدولي بشأن الأمن الغذائي، وقدمت ما يتجاوز 15 ألف طن من المساعدات الإنسانية الغذائية الطارئة إلى الدول النامية ذات الاحتياجات منذ بداية العام الجاري.

ظلت الصين ممن يبذل جهودا حميدة لحل القضايا الساخنة. تعمل الصين، باعتبارها دولة كبيرة مسؤولة، على استكشاف وتطبيق الطريقة ذات الخصائص الصينية لحل القضايا الساخنة، حيث تشارك بشكل بنّاء في حل القضايا الساخنة وفقا لرغبة الدول المعنية واحتياجاتها، بشرط التمسك بعدم التدخل في الشؤون الداخلية، مع الالتزام بدفع محادثات السلام كالنهج الرئيسي، والالتزام بالعدالة والعملية كالموقف الرئيسي، والالتزام بمعالجة الأعراض والمسببات في آن واحد كالرؤية الرئيسية.

يدعم الجانب الصيني كافة الجهود التي تسهم في التسوية السلمية للأزمة الأوكرانية. تمثل الأولوية الأولى في الوقت الراهن في الحث على التصالح والتفاوض، بينما الحل الجذري هو بناء منظومة أمنية متوازنة وفعالة ومستدامة مع مراعاة الهموم الأمنية المعقولة لدى كافة الأطراف. ندعو كافة الأطراف إلى الحد من امتداد تداعيات الأزمة إلى الخارج وحماية الحقوق والمصالح المشروعة للدول النامية.

إن القضية الفلسطينية هي القضية المحورية للشرق الأوسط، لقد تأخرت العدالة، ولا يمكن أن تغيب على الإطلاق. لا بد من التمسك بـ"حل الدولتين" باعتباره الحد الأدنى للعدالة والإنصاف. تدعم الصين كالمعتاد الشعب الفلسطيني في قضيته العادلة لاستعادة حقوقه الوطنية المشروعة.

فيما يخص حل الملف النووي في شبه الجزيرة الكورية، فمن المطلوب كشف الحقيقة لهذا الملف والتمسك بـ "تقدم المسارين بالتوازي" و"الحل على مراحل وبخطوات متزامنة"، والعمل المشترك للحفاظ على السلام والاستقرار في شبه الجزيرة وإيجاد حل عبر الحوار والتشاور.

تمر أفغانستان حاليا بمرحلة حاسمة للحد من الفوضى واستعادة الاستقرار، حيث يكون بناء النظام السياسي الشامل وانتهاج سياسات معتدلة اتجاها، ويكون إنعاش الاقتصاد وتحسين معيشة الشعب حجر الزاوية، وتكون مكافحة الإرهاب بحزم والاندماج إلى المنطقة في مقدمة الاهتمامات.

لا بد من تصحيح السلوكيات الخاطئة التي تمارسها فرادى الدول المتمثلة في فرض العقوبات الأحادية الجانب بشكل عشوائي وقطع المساعدات الإنمائية وتجميد الأصول المشروعة للدول الأخرى. تدعم الصين بثبات الشعب الكوبي في نضاله العادل للدفاع عن سيادة بلاده ومعارضة التدخل الخارجي والحصار.

تتدهور مشكلة تفشي الأسلحة النارية في العالم يوما بعد يوم. أود أن أعلن هنا أن الصين قد قررت البدء بإجراءات داخلية بشأن الإبرام لـ"برتوكول الأسلحة النارية" للأمم المتحدة، بما يقدم مساهمة جديدة في تعزيز التعاون العالمي في إدارة الأسلحة النارية والسيطرة عليها وسد العجز الأمني.

السيد الرئيس، أيها الزملاء،

إن تايوان جزء لا يتجزأ من الأراضي الصينية منذ القدم. لم تتجزأ قط السيادة الوطنية للصين وسلامة أراضيها، ولم تتغير قط الحقيقة المتمثلة في أن البر الرئيسي وتايوان ينتميان إلى الصين الواحدة، لم يتوقف قط جميع أبناء الأمة الصينية في السعي إلى إعادة توحيد البلاد.

قبل ما يزيد عن 70 عاما، نص "إعلان القاهرة" و"إعلان بوتسدام" بوضوح على استعادة الأراضي الصينية المسروقة من قبل اليابان، بما فيه تايوان وجزر بنغهو إلى الصين، وذلك يشكل مكونا مهما للنظام الدولي بعد الحرب العالمية الثانية. قبل 51 سنة، وفي هذه القاعة المهيبة بالذات، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرار 2758 بأغلبية ساحقة، حيث قررت استعادة المقعد الشرعي لجمهورية الصين الشعبية في الأمم المتحدة وطرد "ممثل" سلطات تايوان من المقعد الذي احتله بشكل غير شرعي، فأصبح مشروع قرار "ازدواجية التمثيل" المطروح من الولايات المتحدة وغيرها من الدول القليلة لإبقاء مقعد تايوان في الأمم المتحدة قطعة من ورق النفايات. حلّ القرار 2758 للجمعية العامة بشكل جذري مسألة التمثيل للصين بأكملها بما فيها تايوان في الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية سياسيا وقانونيا وإجرائيا، وقضى بالكامل على المجال لمحاولة أي شخص أو دولة لصنع "الصينيْن" أو "صين واحدة وتايوان واحدة".

قد أصبح مبدأ الصين الواحدة قاعدة أساسية للعلاقات الدولية وتوافقا سائدا في المجتمع الدولي. وقد اعترفت وقبلت 181 دولة عند إقامة العلاقات الدبلوماسية مع الصين بأنه لا توجد في العالم إلا الصين الواحدة، وتايوان جزء من الصين، وأن حكومة جمهورية الصين الشعبية هي الحكومة الشرعية الوحيدة التي تمثل الصين بأكملها. تدافع الصين بثبات عن مبدأ الصين الواحدة، وذلك ليس من أجل الحفاظ على سيادتها وسلامة أراضيها فحسب، بل أيضا من أجل الحفاظ على السلم والاستقرار في مضيق تايوان بشكل حقيقي، والحفاظ على مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية باعتباره قاعدة أساسية للعلاقات الدولية لضمان بقاء الدول النامية.

تحرص الصين على مواصلة بذل قصارى الجهد وبأكبر قدر ممكن من النية الصادقة لتحقيق إعادة التوحيد السلمي بين جانبي مضيق تايوان. ومن أجل التوصل إلى هذا الهدف، لا بد من محاربة الأنشطة الانفصالية التي تقوم بها قوى "استقلال تايوان" بعزيمة أقوى، واستبعاد تدخل القوى الخارجية بأقوى الخطوات. لن يتوفر الأساس الواقعي لإعادة التوحيد السلمي بين جانبي المضيق إلا من خلال وقف الانفصال بكل حزم وفقا للقانون؛ ولن يستقبل مضيق تايوان السلام الدائم إلا بعد تحقيق التوحيد الكامل للوطن. إن أي محاولة للتدخل في الشؤون الداخلية الصينية ستجد رفضا من جميع أبناء الشعب الصيني، وستسحق عجلة التاريخ أي محاولة لعرقلة القضية العظيمة لإعادة توحيد الصين.

السيد الرئيس، أيها الزملاء،

يتابع المجتمع الدولي باهتمام بالغ التنمية في الصين. لقد دخلت الاشتراكية ذات الخصائص الصينية إلى العصر الجديد منذ المؤتمر الوطني الـ18 للحزب الشيوعي الصيني. كان العقد الماضي هو عقد من الإنجازات التاريخية والتحولات التاريخية في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الصين، كما أنه عقد من الطفرات التاريخية في العلاقة بين الصين والعالم والمساهمة الصينية تاريخية للمجتمع الدولي.

تعمل الصين الآن على تنفيذ مفهوم التنمية الجديد المتسم بالابتكار والتناسق والخضرة والانفتاح والتمتع المشترك بثمار التنمية على نحو شامل، مع التركيز على التنمية العالية الجودة وإنشاء معادلة التنمية الجديدة. بفضل القيادة القوية للحزب الشيوعي الصيني والكفاح والتضامن بين أبناء الشعب الصيني البالغ عددهم 1.4 مليار نسمة والمزايا البارزة للاشتراكية ذات الخصائص الصينية والأسس المتينة للتنمية المستمرة والسريعة والقوة المعنوية المتسمة بالثقة الذاتية والتقوية الذاتية، ستتجه التنمية الصينية نحو الأفضل على المدى البعيد، وسيكون مستقبل تقدم الصين أرحب وستكون قصص المعجزات الصينية أكثر روعة.

السيد الرئيس، أيها الزملاء،

إن توجه الصين البالغ عدد سكانها خمس سكان العالم نحو التحديث بخطوات واسعة أمر يكتسب أهمية عالمية كبيرة وطويلة الأمد. إن الطريق الذي تسعى إليه الصين هو طريق من التنمية السلمية والتعاون والكسب المشترك والتعايش المتناغم بين البشرية والطبيعة، بدلا من النهب والاستعمار واللعبة الصفرية وتجفيف البركة لصيد الأسماك. سنواصل توفير الحكمة الصينية من أجل فك معضلات التنمية للبشرية، وتقديم المساهمة الصينية من أجل خلق نمط جديد للحضارة البشرية.

سيعقد المؤتمر الوطني الـ20 للحزب الشيوعي الصيني الشهر القادم في بيجينغ، حيث سيتم التخطيط العلمي للأهداف والمهام لتنمية البلاد للسنوات الـ5 القادمة أو أطول، إضافة إلى رسم الخطوط العريضة الطموحة للتنمية الصينية في المستقبل على نحو شامل، وذلك تماشيا مع تطلعات جميع أبناء الشعب الصيني. عند نقطة الانطلاق التاريخية الجديدة، ستحقق الصين النهضة العظيمة للأمة الصينية من خلال التحديث على النمط الصيني، وستعمل مع دول العالم على حفظ السلام ودعم التنمية، وتضطلع بالمسؤولية عن تعزيز التضامن والتقدم، وتعمل يدا بيد مع دول العالم على بناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية وخلق عالم أفضل.

شكرا لكم!


Appendix:

جميع الحقوق محفوظة لدي منتدي التعاون الصينى العربي

الاتصال بنا العنوان : رقم 2 الشارع الجنوبي , تشاو يانغ من , حي تشاو يانغ , مدينة بجين رقم البريد : 100701 رقم التليفون : 65964265-10-86