الديمقراطية الأمريكية ليست دواء سحريا

 2021-11-29 09:41

عند الحديث عن الخشخاش، تذكر جميع الصينيين في التجربة المأساوية منذ أكثر من مائة عام. إن هذا السم الذي يبدو جميلًا، ولكنه ضار بكل معنى الكلمات وهو الذي قتل الكثير من الناس في البلاد، ويؤدي بالصين إلى دولة ضعيفة في شرق آسيا، حتى فتح باب البلاد مضطرا أمام أسلحة المستعمرين مثل السفن الحربية والمدافع الثقيلة، وكانت هذه التجربة تعد المشهد الأكثر إذلالا في تاريخ الأمة الصينية.

وعند الذكر عن "الديمقراطية الأمريكية"، دائما ما يتحدث عنها العم سام مؤمنًا إيمانا راسخا بأنها يجب أن تصبح "القيمة العالمية" لجميع البلدان في العالم. هل هذا صحيح؟ لا طبعا! فإن "الديمقراطية الأمريكية" ليست دواء سحريا الذي ينقذ عامة الناس. بل انظر بانتباه إن هذه "الديمقراطية الأمريكية" تتميز بصفة الهلوسة مثل الخشخاش. يبدو أن "الديمقراطية الأمريكية" ستمكن بلد أن ينتقل من فقير إلى غني ومن ضعيف إلى قوي طالما تم ملء الصناديق بأوراق الاقتراع. وذات مرة، طرحت الولايات المتحدة بفخر ما يسمى بخطة "التحول الديمقراطي للشرق الأوسط"، مدعية أنها ستزرع بذور "ثورة الياسمين" في كل شبر من أرض الشرق الأوسط. ولكن بعد عشر سنوات، أجريت انتخابات على غرار "الديمقراطية الأمريكية" مرارًا وتكرارًا في الشرق الأوسط، لكنه لم تتحقق "المساواة والحياة الكريمة" التي يتطلع إليها شعوب المنطقة. وعلى العكس من ذلك، اشتدت الانقسامات والاستقطاب بين مختلف الأحزاب والطبقات والفئات العرقية، وأصبحت "الديمقراطية" مجرد سراب في النهاية .

تتميز "الديموقراطية الأمريكية" بصفة تؤدي إلى الفقر مثل الخشخاش. "الديمقراطية الأمريكية" هي ديمقراطية لعدد قليل من الناس بدلاً من الأغلبية، وهي ديمقراطية لمجموعة المصالح الخاصة وطبقة الامتيازات بدلاً من ديمقراطية لعامة الناس، وهي ديمقراطية لعدد قليل من البلدان التي تطورت مبكرا نسبيا لأسباب تاريخية وليست ديمقراطية للبشرية جمعاء، فهذا النوع من الديمقراطية غير متوازنة للغاية، وهو ليس نموذجًا عالميًا. أفغانستان، التي "حولتها الولايات المتحدة بشكل ديمقراطي"، لم تحقق التنمية والازدهار والتقدم لـ20 عامًا مضت، ولم تترك الولايات المتحدة وراءها سوى عظام المتوفيين والأحياء الفقيرة والخشخاش التي تُزرع بمساحة واسعة جدا. شأنه شأن سوريا وليبيا واليمن التي انجرت إلى مستنقع الحرب بسبب خطة "التحول الديمقراطي للشرق الأوسط" التي نفذتها الولايات المتحدة، كافح بعضها بشدة في ظل البلطجة الأمريكية وفقدوا 10 سنوات من فرص التنمية، انقسم بعضها بسبب "الديمقراطية الأمريكية" المفروضة عليه، وعاش بعضها حروبا أهلية ومن الصعب تحقيق التنمية.

تتميز "الديموقراطية الأمريكية" بصفة تؤدي إلى الموت مثل الخشخاش. كل مرة تشن فيها الولايات المتحدة حرباً في الخارج، دائما تكون تحت راية حماية "الديمقراطية" و"حقوق الإنسان". ولكن كما قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إن الديمقراطية الأمريكية تُبنى من خلال الغارات والاغتيالات وحركات الشوارع، والتي غالبًا ما تحول بلد ما إلى "ثقب أسود". تحول حفل زفاف على الفور إلى جنازة بسبب طائرة عسكرية أمريكية بدون طيار. تحولت قرية ريفية  على الفور إلى أرض محروقة بسبب صواريخ القوات الأمريكية. أدت حرب أفغانستان إلى مصرع أكثر من 240 ألف شخص في ظل "الديمقراطية الأمريكية". وفي حرب العراق، لقي أكثر من 100 ألف مدني مصرعهم في "الديمقراطية الأمريكية". وفي الحرب الأهلية السورية، قُتل ما لا يقل عن 350 ألف شخص، وأصبح أكثر من 4 ملايين شخص  لاجئين، ونزح أكثر من 7 ملايين شخص. وبالنظر إلى داخل الولايات المتحدة، سنجد "حياة السود تهم!" و"لا أستطيع التنفس!" وهؤلاء الشباب الذين قتلوا بسبب ما يسمى بحرية امتلاك السلاح. كم مدى رخص أرواح الأبرياء بالنسبة إلى"الديمقراطية الأمريكية"! كم حجم الثمن الباهظ لتحقيق "الديمقراطية الأمريكية"! كيف تكون "الديموقراطية الأمريكية" هي زهرة السعادة التي يحبها الجميع، من الواضح أنها الزهرة السامة القاتلة!

سينقلب السحر على الساحر. مع مرور الوقت، بدأ المزيد من الدول والشعوب وحتى حلفاء الولايات المتحدة التشكيك في جدارة "الديمقراطية الأمريكية". أظهر استطلاع الرأي الذي أجراه صندوق الرابطة الدنماركية للديمقراطية في مايو 2021 أنه من بين أكثر من 50000 مشارك في 53 دولة ومنطقة، كان نصفهم تقريبًا قلقين من أن الولايات المتحدة ستهدد ديمقراطية بلادهم. كما أظهر استطلاع الرأي الذي أجراه مركز بيو للأبحاث أن الناس في 16 دولة متقدمة انخفضت ثقتهم بـ"الديمقراطية الأمريكية"، واعتقد 57% من المشاركين أن الولايات المتحدة لم تعد نموذجًا للديمقراطية. حتى صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية نشرت مقالاً بعنوان "نهاية الديمقراطية الأمريكية" في 10 سبتمبر 2019، أعربت فيه عن أسفها لأن "زوال الديمقراطية يحدث في الولايات المتحدة".

ومع ذلك، بدلاً من مراجعة الذات، كثفت الولايات المتحدة جهودها لإثارة الانقسامات في العالم من خلال تنظيم ما يسمى بـ "قمة من أجل الديمقراطية"، والتحريض على المجابهة بين المعسكرات حسب أيديولوجيتها، ومحاولة إجراء تحول الدول الأخرى ذات السيادة على النمط الأمريكي حتى تخدم استراتيجيتها الخاصة. وعلى وجه الخصوص، تصنف الولايات المتحدة الدول الأخرى إلى مختلف الدرجات وفقًا لمعيارها للديمقراطية، وتطلب من تلك الدول لملء "أوراق الاختبار" الديمقراطية الصادرة عن الولايات المتحدة. هذا التصرف نفسه غير ديمقراطي، ويتعارض مع تيار العصر، ويخالف إرادة أغلبية أعضاء المجتمع الدولي، وسيبوء بالفشل.

على خلفية التفشي المستمر لجائحة فيروس كورونا المستجد وضعف الانتعاش الاقتصادي، ما تحتاجه البشرية هو التضامن والتعاون لتجاوز الصعوبات وحل المشاكل والتخلص من المآزق عبر التنمية. لا بد أن تدرك الولايات المتحدة أنه إن لم تتخل تمامًا عن نظرية التفوق للديمقراطية الأمريكية ولا تقوم بتغيير سلوكها المتمثلة في الهيمنة والتنمر الذي غالبًا ما يفرض "الديمقراطية الأمريكية" على الآخرين، فستجد الاستهزاء بها في سجل التاريخ.

Appendix:

جميع الحقوق محفوظة لدي منتدي التعاون الصينى العربي

الاتصال بنا العنوان : رقم 2 الشارع الجنوبي , تشاو يانغ من , حي تشاو يانغ , مدينة بجين رقم البريد : 100701 رقم التليفون : 65964265-10-86