هل الديمقراطية التي تباع بالخصم هي ديمقراطية حقيقية وجيدة؟

 2021-12-20 08:58

هناك قصة في كتاب تاريخي صيني: أراد الملك لدولة تشي أن يزوج ابنته لجزار يبيع لحوم البقر واسمه تو بمهور ثمينة، لكنه رفض. كان صديقا له لم يفهم ذلك. وأوضح تو  لصديقه أنه إذا كانت نوعية اللحوم جيدة فيمكن بيعها كلها، وإذا كانت غير جيدة، فلا يمكن بيعها حتى ولو باعها بهدية . عمل الملك لدولة تشي باجتهاد لتزويج ابنته، لذا لابد أن هناك عيوبا لابنته.

في الفترة الأخيرة، هناك "دولة ديمقراطية كبيرة" كما زعمت بذلت الكثير من الوقت والجهد لعقد ما يسمى "قمة الديمقراطية"، لتفاخر بمعاييرها الديمقراطية ولحشد الجماهير لانتقاد "الدول غير الديمقراطية" من منظورها . انتهت القمة بالتهور، ولم تفشل في ترويج ديمقراطيتها الخاصة فحسب، بل أيضا جعلت المجتمع الدولي يرى باطل هذه الديمقراطية. خلال المؤتمر، لم تتبع معظم الدول المشاركة ما افترضته هذه الدولة العظمى ورفضت تأييدها، بل ركزت على إعلان فهمها للديمقراطية. وثابرت أكثر من 100 دولة لم تشارك هذه القمة على استكشاف طروقها المستقلة، وممارسة المفاهيم الديمقراطية التي تتناسب مع ظروفها الخاصة، وتفسير تنوع الديمقراطية بأفعال عملية.

لا تعتمد الديمقراطية على الشكل فحسب، بل تعتمد على الفعالية بشكل أكثر. تزعم الدولة ذات الصلة أنها "منارة الديمقراطية العالمية" وتتجاهل تماما العديد من المشاكل الخاصة بها المتعلقة بالديمقراطية والحقوق الإنسانية . وتكثر الفوضى الديمقراطية والحقوق الإنسانية مثل حادثة اقتحام الكابيتول الأمريكي وسياسة المال والشعبوية والتمييز العنصري؛ وهي تعجز تماما عن السيطرة الفعالة على الوباء، ولكن تحرص على تحميل المسؤولية على غيرها. الأمر الأكثر إثارة للسخرية هو أنه خلال "قمة الديمقراطية"، تظاهر أبناء شعب هذه الدولة بحمل التابوت خارج مقر الأمم المتحدة  في نيويورك للإعلان أن "الديمقراطية قد ماتت". كيف يحق لمثل هذه الدول أن تتحكر على مفهوم الديمقراطية، وكيف يحق لها أن تقمع الآخرين المختلفين بذريعة الديمقراطية؟

إن الديمقراطية ليست حوكمة دولة فقط، بل هي أيضا تمثل العدالة الدولية. يجب تحديد معيار الديمقراطية من قبل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة التي يبلغ عددها 193 دولة، وليس  حكرا على حقنة من الدول. بلغ عدد الدول المدعوة إلى "قمة الديمقراطية" 93 دولة فقط، تمت دعوة دولتين فقط من 23 دولة في الشرق الأوسط، وحضرت الاجتماع أقل من 10 دول في العالم الإسلامي. وهناك أكثر من 100 دولة في العالم لم تتم دعوتها إلى "قمة الديمقراطية". هذا النوع من الغطرسة المتمثلة في أن "ديمقراطية غير غربية ليست ديمقراطية" هو أعظم تناقض للديمقراطية. ومنطق سياسة القوة هذا هو أكبر عقبة أمام ديمقرطة العلاقات الدولية. هذا النوع من الغطرسة والتحيز هو الانعكاس الواقعي لـ "نظرية تفوق الحضارة" للولايات المتحدة والدول الغربية في السياسة الدولية.

لا ينبغي استغلال الديمقراطية كأداة، ناهيك عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى تحت ذريعة الديمقراطية. طالما قامت هذه "الدولة الديمقراطية الكبيرة" المزعومة بدعاية "مسؤولية الحماية" في الشرق الأوسط، وتنتهك سيادة الدول الأخرى من خلال إصلاح الديمقراطية، وتنخرط في ثورات ملونة للتحريض على تغيير النظام، وتفرض عقوبات أحادية الجانب، وتفرض التدخل العسكري، كارثة ليبيا، والاضطرابات في العراق وغيرها، كلها نتيجة نشرها "الفيروس السياسي" في الشرق الأوسط. وتحرص هذه الدولة العظمى على رسم خطوط حسب الأيديولوجيا، وتعتبر نفسها مرشدة للآخرين، وتتعود على تسييس قضايا الحقوق الإنسانية واستغلالها كأداة لزرع الشقاق بين دول الشرق الأوسط وقمعها، الأمر الذي أبرز طبيعة النفاق لها. لقد أدى تنمر هذه الدولة العظمى على المدى الطويل إلى تآكل أسس السلام. إنها تتجاهل العدالة الدولية في العديد من القضايا الساخنة في الشرق الأوسط، وتتغافل عن مطالب العدالة لشعوب المنطقة، وتستخدم القوة للتسلط على الإنصاف والعدالة، وتتخلى عن الأخلاق لتحقيق مكاسبها الخاصة، مما أدى إلى تصاعد الصراعات والمواجهة، وتقويض الأمن والاستقرار في المنطقة.

ليس للديمقراطية صيغة واحدة تناسب جميع الدول. فهي تتطلب من الدول أن تتخذ خيارات وفقا لتاريخها وواقعها. تتمتع دول الشرق الأوسط بتاريخ طويل، وقد أنشأت حضارات مشرقة، ولديها رؤى فريدة خاصة بها في الديمقراطية والتنمية، ولا تحتاج إلى مرشد أجنبي للديمقراطية وحقوق الإنسان لتقديم الإملاءات، قد أدرك شعوب الشرق الأوسط الوجه الحقيقي للديمقراطية للدول ذات الصلة والمقصود الحقيقي لـ"قمة الديمقراطية". قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده إن الولايات المتحدة تتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى تحت شعار حقوق الإنسان والديمقراطية، لا يحق لها عقد قمة الديمقراطية. وعلق رئيس التحرير السعودي لصحيفة "الشرق الأوسط" طارق الحميد قائلا إن "قمة الديمقراطية" هي مراجعة سياسية تقوم على القيم الأمريكية. لقد خلقت الولايات المتحدة الفوضى في أفغانستان وأثارت "الربيع العربي" في الشرق الأوسط، لكنها لم تحقق الديمقراطية الحقيقية.

ظلت الصين كصديق مخلص وشريك على قدم المساواة لدول الشرق الأوسط تساعد دول المنطقة بإخلاص على استكشاف الطرق التنموية المستقلة وتعارض التدخل الخارجي. وظلت الصين تعمل على تقاسم خبراتها لإدارة البلد وحوكمته مع دول المنطقة ولم تفرض طريقها ونظامها عليها. إن الصين مستعدة للعمل مع دول المنطقة على إيجاد طرق تنموية تتناسب مع ظروفها الوطنية على أساس التبادلات بقدم المساواة وبشكل مستقل، وعلى استكشاف الممارسات الديمقراطية بمزاياها الخاصة، بما يقدم المساهمات الواجبة بشكل مشترك لتطوير السياسة الديمقراطية.


Appendix:

جميع الحقوق محفوظة لدي منتدي التعاون الصينى العربي

الاتصال بنا العنوان : رقم 2 الشارع الجنوبي , تشاو يانغ من , حي تشاو يانغ , مدينة بجين رقم البريد : 100701 رقم التليفون : 65964265-10-86