من مقال في صحيفة فاينانشال تايمز

中东瞭望 2024-03-18 08:43

نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" مؤخرا مقالا بعنوان "العالم العربي يعبر عن غضبه من الولايات المتحدة والغرب في قضية غزة"، مشيرة إلى أن استطلاع الرأي في 16 دولة عربية أظهرت أن 76% من مستطلع رأيهم يتخذون موقف "أكثر سلبية" تجاه الولايات المتحدة، مؤكدين على أن الصراع في غزة حطم تماما صورة الولايات المتحدة "الديمقراطية" و"الحرة" في أذهانهم. ما هي الأسباب وراء تراجع مكانة الولايات المتحدة في قلوب شعوب دول العربية وخاصة جيل الشباب؟

تنحاز الولايات المتحدة لإسرائيل على حساب فلسطين، وتمارس المعايير المزدوجة. ادعت الولايات المتحدة بأنها مدافع للعدالة والإنصاف، لكنها انحازت إلى طرف ضد آخر بعد تصعيد الصراع بين فلسطين وإسرائيل، ودعمت إسرائيل لممارسة ما يسمى بـ"حق الدفاع عن النفس" بلا حدود، مما أدى إلى مقتل أكثر من 30 ألف شخص في صفوف المدنيين في غزة. كما استخدمت الولايات المتحدة حق الفيتو بمفردها في مجلس الأمن، للحيلولة دون إصدار قرارات بشأن وقف إطلاق النار الدائم في غزة. وزادت هذه التصرفات شعور شعوب الدول العربية وخاصة جيل الشباب بخيبة الأمل، كما زادت شعورهم بالظلم التاريخي الناجم عن عدم تسوية القضية الفلسطينية لسنوات طويلة.

تستخدم الولايات المتحدة القوة العسكرية بشكل مفرط، مما زاد المخاطر الأمنية في المنطقة كلها. بصفتها دولة كبيرة والطرف المؤثر القليل القادر على فرض تأثير فعال على إسرائيل، من المفروض أن تلعب الولايات المتحدة دورا في تحقيق وقف إطلاق النار في أسرع وقت ممكن ومنع امتداد الأزمة، غير أنها لم تفعل ذلك. وتكمن جذور التوترات في البحر الأحمر وسورية والعراق في الصراع في قطاع غزة. ولا يمكن تهيئة الظروف لتخفيف حدة هذه التوترات، إلا من خلال تهدئة الوضع في غزة في يوم مبكر. لكن اختارت الولايات المتحدة المواجهة بلغة القوة، مما أدى إلى صب الزيت على النار ودوامة العنف والعنف المضاد.

ادعت الولايات المتحدة بـ"الديمقراطية" و"حقوق الإنسان"، لكنها تؤمن في الواقع بالأحادية والهيمنة. وأعرب الساسة الأمريكيون عن الأسف الشديد للطفل السوري المتوفي على شاطئ اليونان، غير أنهم يقفون مكتوفي الأيدي لمقتل آلاف الأطفال بسبب الصراع في غزة، ويسكتون تماما عن "حقوق الإنسان" لهؤلاء الأطفال. في مقال "فاينانشال تايمز"، وجه طالب لبناني الاتهامات إلى الولايات المتحدة، قائلا إن ما زعمته من "الديمقراطية" و"حقوق الإنسان" ليست إلا كذبا. وهذا يدل بجلاء على أن "الديمقراطية" و"حقوق الإنسان" ليست إلا أقنعة منافقة للولايات المتحدة، ولن تستر طبيعتها المتمثلة في الأحادية والتنمر.

بالمقارنة مع غضب العالم العربي من الولايات المتحدة والغرب، أجرت هيئة استطلاع الرأي الإماراتية استطلاعا لرأي 3600 شاب من 18 دولة عربية في عام 2023، وأظهرت النتيجة أن 80% من مستطلع رأيهم يعتقدون أن الصين "الصديق الحقيقي" للدول العربية. وما هي الأسباب وراء ثقة شعوب الدول العربية وخاصة جيل الشباب؟

ظلت الصين تدعم القضايا والمواقف العادلة للدول العربية، وتعمل على تعزيز السلام والاستقرار في المنطقة. وسبق للرئيس الفلسطيني الراحل مؤسس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات أن قال إن الصين الدولة الكبيرة التي تدعم قضية الشعب الفلسطيني العادلة بشكل أكثر ديمومة وثباتا. منذ تصعيد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، بذلت الصين جهودا كبيرة لوقف إطلاق النار وحماية المدنيين، ومدت يد العون لتخفيف المأزق الإنساني لقطاع غزة. وتقف الصين دائما إلى جانب الدول العربية، وتدعم الدول العربية لبلورة موقف مشترك قوي وإطلاق صوت مشترك قوي، وتعزز التواصل والتنسيق مع الدول العربية وتتكلم لصالحها في المناسبات الدولية. بالإضافة إلى ذلك، ظلت الصين تدعم دول المنطقة لحل الخلافات عبر الحوار والتشاور، ومراعاة الانشغالات الأمنية من خلال تعزيز التعاون، ونجحت في تحقيق المصالحة التاريخية بين السعودية وإيران، وتحريك "موجة المصالحات" في منطقة الشرق الأوسط.

ظلت الصين تسعى إلى تحقيق التنمية المشتركة والنهضة المشتركة مع الدول العربية، وتلتزم بمبدأ الشفافية والعملية والحميمية والصدق لتعزيز التواصل والتعاون مع الدول العربية في كافة المجالات. قد وقعت الصين مع جميع الدول العربية الـ22 وثائق بشأن التعاون في بناء "الحزام والطريق"، وتطور التعاون الصيني العربي في بناء "الحزام والطريق" بجودة عالية عمقا واتساعا في مجالات تناسق السياسات وترابط المنشآت وتواصل الأعمال وتداول الأموال وتقارب الشعوب. ويعمل الجانبان بأقصى الجهود لتطبيق النتائج المهمة للقمة الصينية العربية الأولى، وحققا إنجازات جديدة ومستمرة في مجالات الطاقة التقليدية وكذلك الطاقات الجديدة والمتجددة. كما حقق التعاون في مجالات البنية التحتية والاستثمار والمالية تقدمات جديدة، ويتقدم التعاون في مجال التكنولوجيا العالية نحو مستوى أعلى.

ظلت الصين تسعى إلى التعلم المتبادل والاستفادة المتبادلة مع الدول العربية، لتحقيق الازدهار المشترك مع الحفاظ على مزايا كلا الجانبين. ظلت الصين ترفض ربط الإرهاب بقومية أو دين بعينه، وترفض نظرية "التفوق الحضاري" و"صدام الحضارات"، وتدعو دائما إلى احترام التنوع الحضاري في العالم، وإيجاد نمط جديد للحضارة البشرية. وظلت الصين تجري الحوار والتواصل الحضاري مع الدول العربية، ووقعت مع الدول العربية "البيان المشترك بشأن تطبيق مبادرة الحضارة العالمية" في عام 2023، الأمر الذي جعل الدول العربية أول مجموعة من الدول تصدر مثل هذا البيان مع الصين. اليوم، تتلألأ الحضارتان الصينية والعربية الإسلامية في العصر الجديد، وتقدمان مساهمة جديدة في دفع تقدم الحضارة البشرية.

تعد التنمية السلمية والتعاون والكسب المشترك من اتجاه العصر وتطلعات الجميع، وتتعارض الهيمنة وسياسة القوة مع اتجاه التاريخ، وستبوء بالفشل بكل التأكيد. ومن المؤكد أن الصين والدول العربية ستلتزم بروح الصداقة الصينية العربية المتمثلة في "التضامن والتآزر والمساواة والمنفعة المتبادلة والشمول والاستفادة المتبادلة"، وتستمر في الوقوف مع بعضها البعض وتفكر في نفس الاتجاه وتعمل يدا بيد، وتبذل جهودا دؤوبة لتعزيز السلام والاستقرار في المنطقة، وتتعاون في بناء المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك في العصر الجديد.

Appendix:

جميع الحقوق محفوظة لدي منتدي التعاون الصينى العربي

الاتصال بنا العنوان : رقم 2 الشارع الجنوبي , تشاو يانغ من , حي تشاو يانغ , مدينة بجين رقم البريد : 100701 رقم التليفون : 65964265-10-86